أيضاً ، وانّ الآية تهدف إلى تحقيق مفهوم أخلاقي سامٍ طالما انتظرته البشرية طويلاً ، وهو إلغاء حالة التمييز العنصري الذي ابتليت به ، ذلك التمييز الكاذب الذي يبتني على مجموعة من الأمجاد الواهية كاللغة أو اللون أو الوطن أو الزمان و ... ، فإذن الآية تؤكد أنّ جميع البشر يرجعون إلى أصل واحد فلا مبرر لهذا التمييز المبني على العنصر أو اللغة أو الوطن ، ولا فضل ولا امتياز لأحدهما على الآخر إلّا بالتقوى.
وقد فسّر البعض حرف الجرّ في الآية «من» قائلاً : إنّه يفيد «التبعيض» والجزئية ، أي انّ حواء خلقت من جسم آدم عليهالسلام ، واعتمدوا في هذا المجال على مجموعة من الروايات الضعيفة التي لا اعتبار لها في التراث الشيعي تشير إلى أنّ حواء خلقت من الضلع الأيسر لآدم. إلّا أنّ هذا التفسير غير صحيح لوجهين :
١. إنّ الآيات التي تحدّثت عن خلق مطلق الزوجات ، قد ورد فيها نفس التعبير الذي جاء بخصوص حوّاء عليهاالسلام حيث قال سبحانه :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها). (١)
وهل يوجد عاقل يدّعي أنّ كلّ رجل قد خلقت منه زوجته اعتماداً على هذا التفسير؟!
فمن الواضح أنّ مراد الآية هو انّ الله خلقهنّ من جنسكم أيُّها الرجال ، لا أنّه خلقهنّ من أعضاء جسمكم.
٢. انّ فكرة خلق حواء من ضلع آدم من الأفكار التي وردت في التوراة (٢) ،
__________________
(١). الروم : ٢. وانظر النحل : ٧٢ ، الشورى : ١١ ، الذاريات : ٤٩.
(٢). التوراة ، سفر التكوين ، الفصل الثاني ، الجملة ٢١ ، طبع لندن ، عام ١٨٥٦ م.