وتارة أُخرى يستعمل لفظة «النطفة». (١)
ولم يكتف القرآن الكريم في الإشارة إلى خلق الإنسان وكيفية استمراريته وديموميته ، بل أشار وفي آيات مختلفة إلى مراحل التكامل التي تمرّ فيها النطفة في الرحم ، وخاصة في سورة المؤمنون حيث تحدث عن هذه العملية التكاملية بصورة مفصّلة وجامعة ، فقال سبحانه :
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ). (٢)
ولا ريب انّ هذه النظرية القرآنية لعملية التكامل الإنساني ، تجعل الإنسان يشعر بالاعتزاز والفخر حينما يطّلع عليها ، ولا يوجد فيها من قريب أو بعيد ما يدعو إلى الشعور بالاستياء أو الحقارة والذلّ ، خلافاً لبعض المدارس الفكرية التي صوّرت عملية استمرار النسل الإنساني بصورة فيها الكثير من الاستخفاف والتصغير وإشعار الإنسان بالذلّ والهوان ، حيث ذهبت إلى أنّ الإنسان الحالي قد مرّ بمجموعة من الأطوار والتحوّلات ، إذ كان في بداية نشأته وليد بعض الحيوانات الدانية ثمّ تطور وبسبب عوامل بيئية و ... حتى انتقل إلى مرحلة وصل فيها إلى موجود شبيه بالقردة ، ثمّ بعد ذلك انتقل إلى مرحلة القردية ، وفي النهاية رست به سفينة التطوّر على ما هو عليه الآن. ومن الواضح انّ هذه النظرية فيها الكثير من الإساءة لمقام الإنسان ومنزلته.
__________________
(١). انظر : الفرقان : ٥٤ ، السجدة : ٨ ، المرسلات : ٢٠ ، الطارق : ٦ ، وقد جاء في هذه الآيات لفظ «الماء» ، وانظر أيضاً : النحل : ٤ ، الكهف : ٣٧ ، الحج : ٥ ، المؤمنون : ١٣ و ١٤ ، وفاطر : ١١ ، يس : ٧٧ ، غافر : ٦٧ ، النجم : ٤٦ ، القيامة : ٣٧ ، الإنسان : ٢ ، وعبس : ١٩.
(٢). المؤمنون : ١٤.