وأمّا الغريزة في اللغة : فهي بمعنى الطبيعة والسجية. وبالرغم من أنّ كلا اللفظين يرجعان من جهة الأصل إلى معنى واحد ، ولكن نجد في الأعم الأغلب تطلق «الأُمور الفطرية» على تلك السلسلة من الميول والرغبات المتعالية والسامية للإنسان مثلاً : فطرة التديّن ، فطرة العدالة ، وفطرة البحث والتنقيب ، وغير ذلك من الميول العالية.
ويستعمل مصطلح «الغريزة» في ذلك النوع من الميول والرغبات الداخلية التي لا تتوفر على تلك الخصّيصة من السمو والتعالي. بل غالباً ما تكون ذات بُعد مشترك بين الإنسان والحيوان مثل «الميول الجنسية» و «حب النفس» ، ومن هذا المنطلق نجد انّ مصطلح الغريزة يطلق غالباً على الميول الحيوانية.
كذلك يمكن أن نفرق بين المصطلحين بطريقة أُخرى وهي :
الغرائز : هي تلك السلسلة من الأُمور الطبيعية التي تنبع من سجية الإنسان وذاته ولها خلفية «فيزياوية أو كيمياوية» كالغريزة الجنسية التي لها :
١. خلفية فيزياوية : تتمثّل في الرحم والبويضة.
٢. خلفية كيمياوية : أي لها أثر كيمياوي خاص بها ، من قبيل الترشّحات الهرمونية.
وأمّا الميول والرغبات التي لا تمتلك أيّ خلفية كيمياوية أو فيزياوية ، كالميل إلى التديّن ومعرفة الله والعدالة وحب النوع ، فإنّ هذه الميول لا تمتلك أبداً أي خلفية من ذلك القبيل ، ولا يكون لها عضو خاص في البدن يكون مظهراً لتحريك وتحفيز تلك الميول والإحساسات الداخلية ، وكذلك لا يقترن تجلّي تلك الميول والرغبات بأيّ فعل أو انفعال كيمياوي. (١)
__________________
(١). منشور جاويد : ٤ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.