الحيوانات التي تقوم على أساس غريزي ـ انّ هذه الحيوانات تقوم بفعّاليات وحركات وأعمال حيّرت العقول وأدهشت الفكر الإنساني ، فعلى سبيل المثال زنابير النحل وما تقوم به من الأعمال المدهشة التي تتسم بالدقة والإتقان والتنظيم وتوزيع المهام والأدوار. وكذلك العنكبوت وما ينسجه من البيوت رغم وصفها في القرآن الكريم بأنّها أوهن البيوت فإنّها مع ذلك تتّصف بالدقة والإتقان ، فإنّ كلّ هذه الأعمال نابعة من عامل داخلي ونداء غريزي.
وبعبارة أُخرى : أنّها تقوم بذلك بصورة أُتوماتيكية ومن دون الحاجة إلى تعليم خارجي ، وأنّها تطوي مسيرة حياتها اعتماداً على العنصر الأوّل وهو العنصر الداخلي الغريزي.
ولا ريب أنّ هذه الأعمال ـ التي تقوم بها تلك الحيوانات والتي يعجز الإنسان عن القيام بها ـ لا يمكن أن تصدر من دون علّة ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية لا يمكن القول إنّ هذه الحيوانات إنّما تقوم بهذه الأعمال بعد إعمال فكر وطي سلسلة من الحسابات العقلية وإجالة الفكر بين حسابات الربح والخسارة.
إذاً لا بدّ من الإذعان انّ ذلك لا يكون إلّا وليد نوع من التعليم الخفي والرمزي الذي أُلقي إلى تلك الحيوانات ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه :
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ...). (١)
__________________
(١). النحل : ٦٨ ـ ٦٩.