حليف الحق تارة وأُخرى حليف الباطل ، أي انّ الحرب كانت بينهما سجالاً وحسب التعبير القرآني :
(... وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ...). (١)
فبالرغم من أنّ التاريخ البشري منذ ولادة الإنسان وإلى الآن يعيش حالة الصراع والسجال وتبادل النصر والهزيمة ، ولكن القرآن الكريم يقطع بأنّ الإرادة الإلهية قد تعلّقت بأنّ العاقبة ومستقبل البشرية سيكون من نصيب الصالحين والمؤمنين الذين سيرثون الأرض وما عليها ، وانّهم سيقيمون حكومة العدل والحقّ الإلهي وسيكون زمام الأُمور بأيديهم لا بيد الباطل وأهله ، وانّ العالم بأسره سينضوي تحت راية الحق والعدل ولا تقوم للباطل بعد ذلك قائمة ، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة :
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ). (٢)
وفي آية أُخرى يقول :
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...). (٣)
إنّ الاستخلاف المذكور في الآية ـ سواء قلنا : إنّهم خلفاء الله سبحانه ، أو قلنا : إنّهم خلفاء لمن سبقهم من الناس ـ يعني القيام بتدبير الأُمور وإقامة العدل الإلهي والقسط في المجتمع ، وإعمار الأرض وإصلاحها.
__________________
(١). آل عمران : ١٤٠.
(٢). الأنبياء : ١٠٥.
(٣). النور : ٥٥.