فأقول وبالله التوفيق :
إن نصب إمام للمسلمين أمر لا يستغنى عنه بحال بل هو واجب عنه عامة المسلمين (١) ولم يخالف فى هذا إلا من عميت بصيرتهم من الخوارج والمعتزلة (٢).
يقول ابن حزم رحمة الله : اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة والخوارج على وجوب الإمامة ، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل ، يقيم فيهم أحكام الله ، ويسوسهم بأحكام الشريعة التى أتى بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا : لا يلزم الناس فرض الإمامة ، وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم (٣). اه
ووجوب نصب الإمام دل عليه الشرع قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) ، وإن كان فى المراد بولى الأمر خلاف إلا أن الراجح أنهم من يلى أمر المسلمين «فيما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة (٥)».
وقال جل وعلا : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) (٦). وفى جميع آيات الحدود والقصاص دلالة شرعية على وجوب نصب الإمام.
والأدلة من السنة من الكثرة بمكان أذكر منها ما رواه مسلم (٧) عن عبد الله
__________________
(١) انظر : الأحكام السلطانية للماوردى ص : ٥ ، ولأبى يعلى بن الفراء ص : ١٩ والسياسة الشرعية لابن تيمية ص ١٦١.
(٢) انظر : مقالات الإسلاميين ١ / ٢٠٥.
(٣) الفصل فى الملل ٤ / ٨٧.
(٤) سورة النساء / ٥٩.
(٥) وسيأتى إيضاح أكثر حول المراد بأولى الأمر.
(٦) سورة المائدة / ٤٩.
(٧) في الصحيح ٣ / ١٤٧٨.