الأمر الثاني ان النسخ على قسمين قسم نشأ من جهة ندامة الجاعل للحكم وبروز المفسدة من جعله من جهة جهل المقنن بعواقب الأمور كما في القوانين الموضوعة عند البشر وقسم يكون من جهة كون المصلحة في إبراز العموم ثم بعد مضي زمان تكون المصلحة في بيان انتهاء أمده وهذا القسم هو الّذي يتصور في الشرائع واما القسم الأول فهو محال لأنه يلزم منه جهل الباري تعالى بعاقبة الأمور تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
الأمر الثالث ان الدليل الدال علي الحكم اما ان يكون له عموم افرادي وأزماني واما ان يكون له العموم الأفرادي فقط واما ان يكون من حيث العموم في الافراد والأزمان مهملا.
الأمر الرابع في ان الأحكام اما ان يكون على نحو القضايا الحقيقية أو الخارجية والمراد بالقضية الحقيقية هو أن يكون الحكم على الافراد على تقدير الوجود وفرضه وبالخارجية هو ما يكون الحكم على الافراد الموجودة في الخارج مثل أكرم من في الصحن ولا يكون المائز ما ذكره شيخنا النائيني (قده) من ان المراد بالقضية الحقيقة هو ان يكون الحكم على الافراد الأعم من الموجود والمعدوم والمراد بالخارجية هو ان يكون على خصوص الموجود فان هذا خلاف الاصطلاح ويكون الحقيقية عنده خارجية في الواقع للحاظ الافراد موجودة أيضا على فرضه إذا عرفت ما ذكرناه من الأمور فقد أشكل في جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الحكم الثابت في الشرائع السابقة بإشكالين.
الأول ان الموضوع في الاستصحاب لا يكون واحدا هنا لأن المدرك لشريعة إذا كان مخاطبا بخطاب هذه الشريعة ثم صار مدر كالشريعة أخرى وصار تحت لوائها لا يكون واحدا في نظر العرف فان اليهودي غير المسلم وهكذا الموجود في زمن الخطاب لا يكون كالمعدوم فمن لم يدرك الشريعة السابقة لا يكون موضوعا لحكمها وقد أجيب عن هذا الإشكال بان الأحكام يكون على نحو القضايا الحقيقية