شئونهم الاجتماعية فانهم لا يعتنون بالشك في حياة من إليه المراسلة ومن يرسل إليه البضاعة في البلاد البعيدة وهذا البناء في الحيوانات أيضا ألا ترى أن الطيور يرجعون إلى عشهم ولا يعتنون باحتمال الخراب وحيث لا يكون ردع عن الشارع فهو حجة هذا.
ولكن فيه بحث وهو أن فطرة العقلاء والحيوانات تكون بدون الالتفات إلى الشك ولا يكون لهم جرى عملي بعد الشك في البقاء بل كل إنسان يرجع إلى داره بدون الالتفات إلى الشك ولو فرض الشك والالتفات يكون غالبا اما لاطمئنانهم بالبقاء وهو علم عادي متبع واما للاحتياط رجاء وبحثنا في التعبد الإلزامي منهم على ذلك فبناؤهم مجمل لا يتعين في خصوص ما هو البحث فيه مضافا بأن كلا منا في أمور الدين وإثبات حكم الشرع أو الموضوع الذي يترتب عليه الحكم وهم من حيث هم عقلاء لا يكون عندهم استصحاب الحكم الشرعي ولا كلام عندهم من الدين ، وأقول يمكن أن يقال ان الرجاء والاطمئنان في أكثر الموارد غير حاصل ويكون لهم بناء على البقاء عند الشك فيه وهم بما هم عقلاء أيضا لهم أمور اجتماعية نظامية وهي مثل الدين عند المتدينين وجريان الاستصحاب فيها أيضا يكون عندهم.
ثم ان المقصود من بنائهم ان كان سيرة (١) المسلمين فهي بنفسها حجة لا تحتاج إلى الإمضاء وما يحتاج إليه يكون بنائهم بما هم عقلاء لا بما هم متدينون.
ثم انه قد توهم ان كلام المحقق الخراسانيّ قده من أن السيرة أو بنا العقلاء يكون الرادع عنها الآيات الناهية عن ترتيب الأثر على غير العلم مثل قوله تعالى لا تقف ما ليس لك به علم مخالف لما مر عنه في الكفاية في باب حجية الخبر الواحد ببيان أنه كيف لا يسلم الردع في ذلك الباب ويقول به هنا فلو كان بناء العقلاء مخصصا
__________________
(١) أقول السيرة العملية أيضا تحتاج إلى كشف رأى المعصوم بأن يقال كان هذا العمل بمرآهم ومنظرهم عليهمالسلام ولم يردعوا عنه كما يقال في بناء العقلاء فهما مشتركان في كفاية عدم الردع وهو نحو إمضاء وان كانت سيرة المسلمين أقوى من حيث الكشف.