وكيف كان فالبحث في ان التقديم هل هو بالحكومة كما عن الشيخ الأعظم أو بالورود كما عن المحقق الخراسانيّ قده؟ بيان الثاني هو ان اليقين في الاستصحاب يكون أعم من اليقين بالحكم الواقعي الوجداني أو بالحكم الظاهري فإذا جرى الاستصحاب في السبب يكون اليقين بطهارة الماء مثلا في مثال الثوب المغسول بمشكوك الطهارة حاصلا فغاية الاستصحاب في المسبب حاصلة لأن النهي يكون عن نقض اليقين بالشك لا عن نقضه باليقين وفرضنا ان اليقين بطهارة الماء قد حصل ويكون لازمه طهارة الثوب المغسول به فلا وجه لاستصحاب نجاسته.
ولا عكس لأن استصحاب نجاسة الثوب لا يكون من لوازمه إثبات نجاسة الماء لأن الماء اما كان طاهرا فالثوب صار طاهرا به واما كان نجسا والمتنجس لا يتنجس ثانيا فنقض اليقين بطهارة الماء لا بد ان يكون على وجه التخصيص أي ـ تخصيص لا تنقض بدون وجه مخصص فيكون الاستصحاب في السبب مقدما على استصحاب المسبب بهذا الوجه.
وقد أجاب شيخنا العراقي قده عن هذا الاستدلال بان اليقين منصرف إلى اليقين الوجداني بالواقع الواقعي لا بالواقع التعبدي كما ان الشك أيضا يكون في الواقع الواقعي فكأنه قده أذعن بالورود على فرض كون اليقين هو الأعم من اليقين بالواقع الواقعي والظاهري.
ولكنا نقول (١) ان اليقين يكون معناه هو اليقين بالواقع الواقعي بالمدلول
__________________
(١) أقول بعد أنسنا في الشرع باعتبار الظن في الاخبار الآحاد وساير الظنون المعتبرة وقلة العلم الوجداني في الأحكام الشرعية لا إشكال في القول بأعمية اليقين وحصول غاية الاستصحاب بالأمارات وبالاستصحاب الجاري في السبب لو لا ساير الإشكالات على مسلك الخراسانيّ قده مضافا إلى ان مسلكه جعل المماثل لا تنزيل الشك منزلة اليقين ليكون غاية للاستصحاب.