ولنا ان نقول كل من كان في صدد إبداع ما لم يوجد فيها لفظا أو معنى ولم يكن مذاقه مذاقهم يفتضح في مدة قصيرة من مؤلف أو ناطق أو باحث أعاذنا الله تعالى من هذا السبيل الّذي فيه هلاك من سلكه ومن تبع سالكه ونسأل الله التوفيق لفهم كلماتهم والتدبر فيها بعد التدبر التام حسب الوسع في القرآن العظيم فإن ما لا يصدر عن الشهوات والميول النفسانيّة ولم يتصرف فيه أيدي الظلم والجاهلية ولم يتغيره جو عالم التزاحم والمشحون بالنكبات حقيق بأن نتدبر فيه.
ومن هذا السبيل أي سبيل التفكر والتدبر قد مضى عمر جميع كثير من العلماء رضوان الله تعالى عليهم وشكر الله مساعيهم في تأليف الكتب في الفقه والأصول والتفسير والاعتقادات وسائر العلوم وهذا الأمر صار سببا لأن يصير ما ذكرنا في المتن من قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشك وأمثاله في عدد من الروايات كتابا قطورا في الاستصحاب وقوله عليهالسلام رفع ما لا يعلمون في حديث كتابا قطورا في البراءة وهكذا ساير كلماتهم عليهمالسلام صار كل واحد منه سببا لتأليف رسالة ورسالة في القواعد الفقهية والأصولية وغيرها ولا محيص بعد عدم التصريح بمواردها في كلماتهم وعدم وصولنا إليهم عليهمالسلام إلّا أن نبحث ونلاحظ هذا الكلام وذاك ثم نستفيد من جمعهما شيئا ليسعنا ان نقول فهمنا هذا الكلام وذاك فإن أحاديثهم صعب مستصعب من هذه الجهة ومن هذا الوجه لا بد من التنبيهات في الاستصحاب وملاحظته مع ساير القواعد كقاعدة التجاوز والفراغ واليد وأصالة الصحة والقرعة وغيرها ولا يسمع القائل ان يقول فهمت معنى لا تنقض اليقين بالشك إلّا ان يبين مورده ويجيب عما ظاهره المناقضة أو المضادة معه ولا يكفى اجتهاد الماضين وفهمهم لمن يكون في صدد الفهم نفسه ففي كل زمان ودورة يجب الفحص والبحث ولا ينتهى أمده ما دام البشر يكون تحت لواء النبوة والإمامة إلى يوم القيامة فليس لقائل ان يقول يكفى ما فهموه وما كتبوه فإن الزحمات التي توجهت إليهم في طول حياتهم لفهم هذه الكلمات وأبرزوها بالكتابة يجب ان تتوجه إلينا لا محالة على العادة حتى نصير مثلهم فكما ان الشيخ الأعظم الأنصاري