فان قلت في الواجبات التخييرية كيف يحكم بالتخيير فكذلك في المقام فان إطلاق دليل كل واحد منهما يقيد بعدم امتثال الآخر مثل خصال الكفارات من الصوم والإطعام والعتق.
قلت الفرق بين المقامين واضح فان العنوان في الواجبات التخييرية متعدد فان الصوم غير العتق فلذا يمكن توجه الأمر بهما والتخيير في مقام الامتثال ولكن في مقامنا هذا كيف يمكن ان يكون العنوان الواحد مثل الصلاة متعلقا للأمر والنهي (١) هذا ما قيل على ما هو المشهور.
ولكن التحقيق عندنا هو ان الخبرين المتعارضين يكون عند العقلاء لهما وجه علاج كما يعالجون الدلالة بحمل الظاهر على الأظهر أو على النص مثل حمل العام على الخاصّ وغيره والروايات الواردة في الشرع من التعبد بماله المرجح والتخيير عند تساوى الخبرين ليس تعبدا محضا بل إرشاد إلى ما عليه بناء العقلاء فانهم يلاحظون الخبرين فان كان أحدهما مشهورا أو كان راويه أعدل فيقدمونه وان لم يجدوا وجه مزية لأحدهما يحكمون بالتخيير بعد كونهم لا بدين من العمل بأحدهما.
فالأصل الأولى هو الترجيح مع المرجح والتخيير مع عدمه ولذا لا نفرق بين الخبرين في ذلك أو فتوى المجتهدين واما القائلين بأن الأصل الأولي هو التساقط فيرد عليهم النقض بفتوى المجتهدين من جهة انهم يقولون بالتخيير مع ان لازم
__________________
(١) هذا الجواب تام في مثل صل ولا تصل أو يجب الصلاة وتحرم لوحدة العنوان واما في مثل صل الجمعة وصل الظهر مع العلم بعدم وجوب أحدهما مع تعدد العنوان فلا يتم لتعدد العنوان.
فلا بد ان يقال في دفعه في هذه الصورة أيضا بأن كل واحد من افراد التخيير في الواجبات التخيير له مصلحة في الواقع وقابل لأن يكون مجعولا بخلاف المقام فان أحدهما لا مصلحة فيه أصلا لعلمنا بكذبه فكيف يمكن التخيير بين ما لا مصلحة فيه وما فيه المصلحة.