التنبيه الثاني في أنه هل يكفى في صحة الاستصحاب الشك في بقاء شيء على تقدير ثبوته وان لم يحرز ثبوته فيما رتب عليه أثر شرعا أو عقلا وفيه خلاف ولذا وقع الإشكال في استصحاب الأحكام التي قامت الأمارة المعتبرة على مجرد ثبوتها فان اللازم هو استصحاب مفاد الأمارة لو كان له واقع ولا علم وجدانا بالبقاء وهكذا يكون الخلاف في استصحاب مفاد الأصول المحرزة وغير المحرزة والحق جريانه على ما هو التحقيق من المبنى في الاستصحاب وفي الأمارات.
فنقول وبالله الاستعانة البحث في هنا في مقامات ثلاث.
الأول في جريانه في مفاد الأمارات فنقول ان في أصل حجية الأمارات ثلاثة مبان تتميم الكشف وتنزيل المؤدى وجعل الحجية والأول هو التحقيق وفي حجية الاستصحاب مبنيان تنزيل الشك منزلة اليقين وتنزيل المتيقن منزلة المشكوك فعلى القول بتتميم الكشف في الأمارات يكون مؤدى الأمارة كالمعلوم لأن الظن إذا ألقى احتمال خلافه يكون كالعلم ودليل الاستصحاب يدل على حرمة نقض اليقين بالشك فمن قامت الأمارة عنده يكون له العلم التعبدي فنزل الشك في الواقع منزلة العلم بحكم الاستصحاب بعد حكومة الأمارة عليه لأن الظاهر من اليقين اليقين الوجداني بالواقع الواقعي كما هو الظاهر من كل عنوان أخذ في لسان دليل فإذا قيل أكرم العلماء تكون الجملة ظاهرة في الإكرام الواقعي بالنسبة إلى العالم الواقعي فإذا نظرنا إلى دليل الأمارة نرى التوسعة بالنسبة إلى اليقين فان اليقين التعبدي أحد افراد اليقين عند الشرع فلا يجوز نقضه فجريان الاستصحاب لا إشكال فيه.
واما إذا كان المبنى في الاستصحاب هو تنزيل المتيقن منزلة المشكوك وكان مفاد الأمارة حصول اليقين تعبدا فلا إشكال في جريان الاستصحاب أيضا لأنه وان كان مفاد الأمارة هو اليقين والنهي عن النقص يكون بالنسبة إلى المتيقن ولكن حيث لا يكون اليقين في باب الأمارات حجة من باب الصفتية بل من باب المرآتية ويكون المراد ترتيب أثر المتيقن فلا إشكال في جريان الاستصحاب أيضا فيستصحب