تعالى على نبيّه مكّة قال له يامحمّد إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر عند مشركي أهل مكّة ، بدعائك توحيد الله فيما تقدّم وما تأخّر لأنّ مشركي مكّة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكّة ، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد إذ دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفوراً بظهوره عليهم.
فحينما سمع المأمون هذا التفسير قال : لله درّك ياأبا الحسن! (١).
كما ورد نفس هذا المعنى بعبارات اخرى في حديث عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، رواه السيّد ابن طاووس في كتابـ «سعد السعود» ، وهو : أنّ قريشاً وأهل مكّة قد نسبوا الكثير من الذنوب إلى نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله قبل الهجرة وبعدها ، وحينما تمّ فتح مكّة وتعامل النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بتلك الرأفة مع أعدائه المعاندين ، غضّوا الطرف عن كلّ تلك الذنوب التي كانوا قد نسبوها إليه (٢).
وأخيراً يقول القرآن : (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً).
واضح أنّ نعمة الله قد اكتملت ليس فقط بالنسبة للنبي ، بل لكلّ المجتمعات الإسلامية عن طريق هذا الفتح العظيم ، فلقد خسر أعداء الإسلام وإلى الأبد ، بينما مهّد الطريق لمسير النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وكافّة المسلمين لتقدّم أكبر.
* * *
ب) نقرأ في آية أخرى أنّ الله يخاطب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قائلاً : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ).
أو ليس التعبير بـ «العفو» من جهة و «العتاب والملامة» ، والإستغفار عن سبب ترخيصه لهم من جهة أخرى ، دليلاً على أنّ سماح النبي لبعض المنافقين بعدم الإشتراك في القتال كان عملاً مخالفاً؟ هل تتلاءم هذه الآية مع درجة عصمة هذا النبي العظيم؟
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٥٦ ، ح ١٨.
(٢) المصدر السابق ، ح ١٧ بتلخيص واقتباس.