مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً ...).
«الناقة» : تعني في الأصل أُنثى البعير ، وقد أشير في القرآن إلى ناقة صالح بهذه اللفظة أكثر من مرّة ، والتي كانت ناقة إستثنائية بلا شكّ ، وذلك في كيفية خروجها بالإضافة إلى بقيّة الحالات والصفات التي يكون الخوض في جزئياتها خارجاً عن موضوع هذا البحث ، إذ لا نعلم أكثر من عدم كونها ناقة عادية ، ولذلك يعتبرها بمثابة البيّنة والآية ولغرض الوقوف على أهميّة هذه المعجزة فقد تمّ التعبير عنها في الآية المذكورة بـ «ناقة الله».
لماذا اختار الله هذه المعجزة من بين كلّ المعجزات لصالح عليهالسلام؟ قال البعض : كان ذلك استجابة لطلب القوم لمثل هذه الناقة.
نقرأ في إحدى الروايات : «حينما بُعث صالح بالنبوّة بين قوم ثمود الذين كان لهم سبعون صنماً يعبدونها ، لبث فيهم مدّة طويلة يدعوهم وينصحهم ، لكنّهم لم يجيبوه إلى خير ، فقال لهم ذات يوم : أنا أعرض عليكم أمرين ، إن شئتم فاسألوني حتّى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألون ، وإن شئتم سألت آلهتكم فان أجابوني خرجت عنكم ، فقد شنئتكم وشنئتموني ، فقالوا قد أنصفت!
فتواعدوا ليوم يخرجون فيه ، فخرجوا بأصنامهم إلى عيدهم وأكلوا وشربوا فلمّا فرغوا ، دعوه فقالوا ياصالح سل فسألها فلم تجبه ، فقال : لا أرى آلهتكم تجيبني فاسألوني حتّى أسأل إلهي فيجيبكم الساعة ، فقالوا ياصالح! اخرج لنا من هذه الصخرة (وأشاروا إلى صخرة منفردة) ناقة مخترجة جوفاء وبراء فان فعلت صدّقناك وآمنا بك ، ففعل صالح ذلك ولم يؤمنوا» (١).
* * *
الكلام في الآية الخامسة هو عن «البيّنة» أيضاً ، وقد ذكرت هنا «بيّنة نوح» تلك البيّنة التي يراد منها «معجزة ظاهرة» ، إذ نراه يعقّب على كلام مشركي القوم حينما قالوا : «بل
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤٤١ (بتلخيص).