٤ ـ التأكيد على نظام الكون للتعرّف من خلاله على الله هو أحد الاصول العامّة لدعوة هؤلاء الرجال الإلهيين ، كما نقرأ في الآية الرابعة من آيات بحثنا : (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (مع كلّ هذه العظمة والنظام في الكون والأسرار الكامنة) يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً) (لتطووا طريق معرفة الله وتبلغوا الكمال اللازم).
أي هل يبقى هناك مجال للشكّ في وجود الله مع الأخذ بنظر الاعتبار كلّ أسرار خلق السماوات والأرض ، وأنواع الابداعات التي تحتويها والأسرار التي يتمّ كشفها يوماً بعد آخر نتيجة تطوّر العلوم والمعارف؟
صحيح أنّ معرفة الإنسان بأسرار خلق السماوات والأرض كانت في قديم الزمان بسيطة ، لكن نفس ذلك النظام البسيط الحاصل للإنسان بدقّة متواضعة يكفي لإثبات وجود الخالق ، أمّا اليوم حيث تمّ فلق الخليّة وانشطار الذرّة والجزيء ، والوقوف على الكثير من أسرارها فالتأمّل في إحدى الذرّات كافٍ ليبعث نور معرفة الله في القلوب ، ويتحقّق هذا في البيت الشعري المعروف باللغة الفارسية والذي مضمونه :
قلب كلّ ذرّة حين فتحه |
|
تجد نوره يشعّ فيه |
وقريب من هذا المعنى نجده في البيت الشعري المعروف والمنسوب للإمام علي عليهالسلام :
أتزعم أنّك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
* * *
٥ ـ التأكيد على مسألة المعاد باعتباره أصل آخر من اصول دعوتهم كما يقول تعالى في الآية الخامسة من آيات بحثنا : (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا).
هذا الكلام سواء كان صادراً من الله أم الملائكة فلا فرق في ذلك ، إذ المهمّ أنّه يعكس قيام كلّ الأنبياء والمرسلين بتحذير الناس من هول يوم القيامة واشتراكهم في هذا الأصل الأساسي.