بتناول الدواء الفلاني ، والاجتناب عن الطعام الفلاني غير المناسب ، فمتى ما خالف المريض أمر الطبيب فسيضرّ نفسه ، لعدم اكتراثه بإرشاد الطبيب وتعليماته.
فمن الممكن هنا عصيان أمر الطبيب ومخالفته ، ولكن من المسلّم أنّ هذا سيكون على حساب صحّة المريض ، ولا يعني الإستهانة بمقام الطبيب أبداً ، وهكذا فقد قال الله تعالى لآدم : لا تأكل من هذه «الشجرة» وإلّا فستطرد من الجنّة ونعيمها ، وتلاقي المشقّة والعذاب : (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى* إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَاتَظْمَؤُا فِيهَا وَلَا تَضْحَى). (طه / ١١٧ ـ ١١٩)
وبناءً على هذا فقد خالف آدم نهياً إرشادياً ، لا أمراً إلهيّاً واجباً ، فواجه المصاعب ، كما أنّ التعبير بـ «العصيان» لا يخدش في عصمة آدم أبداً ، لو أخذنا بنظر الاعتبار القرائن الموجودة في سائر الآيات.
ومن هنا يتّضح أيضاً تفسير جملة «فغوى» في ذيل نفس هذه الآية ، وأنّ المراد منها هو حرمانه من نعيم الجنّة ، لا «الغواية» التي تعني التصرّفات المنبثقة عن الإعتقادات الخاطئة ، أو الامور التي تحول دون بلوغ الإنسان لمراده ، وعلى أيّة حال فلو أنّ آدم لم يخالف هذا النهي الإرشادي لمكث في الجنّة فترة أطول.
ج) كان تركاً للأولى ـ هذا الجواب له مؤيّدون أكثر ليس هنا فقط ، بل في كلّ الموارد التي ينسب فيها الذنب إلى الأنبياء فإنّها تفسّر بهذه الطريقة.
توضيح ذلك : الذنب والمعصية على نوعين : مطلق ، ونسبي ، والمراد بالقسم الأوّل هو كلّ تلك الذنوب التي تعدّ ذنباً حين صدورها من أي شخص ولا استثناء فيها أبداً ، كأكل المال الحرام والظلم والزنا والكذب.
امّا الذنب النسبي فهو ذلك الذنب الذي يعدّ تصرّفاً غير مرغوب فيه قياساً بمقام وشخصية ومعرفة الأشخاص ، وما أكثر ما يعد صدور هذا الشيء من الآخرين فضيلة فضلاً عن عدم اعتباره عيباً.
فمثلاً الصلاة المناسبة لشخص امّي لا تليق أبداً بعالم عارف له تاريخ علمي طويل ، أو