معين ، فإن الإنسان يقدر على سد مجراه ، ومنعه من مواصلة طريقه ، ويقدر أيضا على تحويل مساره باتجاه آخر ..
فكأن الآية تقول : إن مشيئتكم تجري على طبيعتها ، إلا أن يشاء الله منعها ، وتحويلها ، أو مصادرتها ..
وربما يناقش في هذه الإجابة بأنها تنافي ظاهر قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ..) الدال على أن مشيئة الله دخيلة في أصل إنتاج مشيئتكم ، وأن مشيئتكم لا استقلال لها عن إرادة الله تعالى ، بل هي مرتبطة ومرهونة بها ، وواقعة تحت تأثيرها ، في نشوئها على الأقل ، إن لم نقل : نشوءا واستمرارا.
فالأولى أن يجاب بأن الله سبحانه يفيض الوجود على الإنسان ، بكل ما فيه من قدرات ، وطاقات ، وملكات وغير ذلك ، آنا ، فآنا ، ولحظة ، فلحظة .. فيفيض الوجود ، والقدرة والحياة ، وغير ذلك من مبادئ الفعل التي تجعل الإنسان قادرا على أن يحرك يده ورجله ، وينطق بلسانه ، ويفكر ، و.. و.. الخ .. فيختار هو أن يستفيد من هذه الطاقة التي تقع تحت اختياره ، أو لا يستفيد ..
وهذا نظير ما لو كان هناك مصدر يمدك بالكهرباء ، ولك أنت أن تختار الاستفادة منها في التدفئة ، أو في الإنارة ، أو في تحريك آلة ، تمكنك من قتل إنسان ، أو غير ذلك ، فالمصدر الذي يمدك بالطاقة الكهربائية قادر على قطع المدد عنك في أية لحظة ، فيصح أن يقال : لولاه لم يكن عندك نور ، ولعجزت عن قتل ذلك الإنسان .. و.. و.. الخ ..
كما أنه يصح أن يقال : لولا مشيئتك ومبادرتك أنت ، لم تحصل الإنارة ، ولا القتل ، ولا غير ذلك ..