تجعل الإنسان يعيش ذلك النعيم بكل وجوده ، وتجعل جميع جوارحه تتشارك فيه.
لكن ذلك لا يعني أن علم الفلسفة مثلا ساقط عن الاعتبار .. إذ لا ريب في أننا نحتاج إلى علم الفلسفة لمواجهة الشبهات التي يلقيها المتحذلقون من شياطين الإنس.
ولا شك في أن هذا العلم بضوابطه الصحيحة ، وقواعده السليمة ، يسهم في صيانة العقيدة ، ويفيد في إثراء الفكر وفي بلورته ..
ولكننا نقول : إن الفلسفة هي لغة فريق من الناس ، وليست لغة جميعهم .. والقرآن هو كتاب الله أنزله للبشر جميعا ، فلا بد أن يخاطبهم سبحانه باللغة البشرية ، لتثبيت قضايا الدين وشرائعه في وجدانهم ، وعقلهم ، وفكرهم.
ولكن ذلك لا يعني : أن لا يشير بطريقته الخاصة أيضا ، إلى حقائق علمية ..
وعلى كل حال ، فإن الأدلة العقلية وغيرها مما يساق لإثبات الحقائق الاعتقادية ، إنما تأتي لتأكيد مقتضيات الفطرة ، وتقويتها ، وصيانتها عن أن تتعرض لأي تشويه ، أو تلوث ..
فنحن نقول : إن القرآن قد جاء بنهج استدلالي جديد وفريد ، حبذا لو اهتم علماؤنا بالاستفادة منه في تأسيس فلسفة جديدة ، سيكون لها أثرها العظيم في بلورة الحقائق وتوضيحها بصورة أتم للبشرية جمعاء ، لأنها هي اللغة الجامعة والمفهومة لدى الجميع ..