أنسى معظم الوجوه والأعيان ذكر الله تعالى ، فاقترفوا كلّ إثم وحرام.
والتقى ابن العاص بمثله وشريكه معاوية بن هند ، ففتح معه الحديث طالبا منه الانضمام إلى جهازه حتى يستعين به على حرب وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وباب مدينة علمه ، وعرض ابن العاص رأيه بصراحة قائلا :
يا معاوية ، أمّا عليّ فو الله! لا تساوي العرب بينك وبينه في شيء من الأشياء ، وإنّ له في الحرب لحظّا ، ما هو لأحد من قريش إلاّ أنّ تظلمه ، وسارع معاوية قائلا :
صدقت ، ولكنّا نقاتله على ما في أيدينا ونلزمه قتله عثمان ...
إنّ مناجزة معاوية للإمام من أجل الحفاظ على ما عنده من الأموال الحرام التي نهبها من بيت مال المسلمين ... وسخر ابن العاص من اتّخاذ دم عثمان وسيلة لاتّهام الإمام قائلا :
وا سوءتاه! إنّ أحقّ الناس أن لا يذكر عثمان أنت ...
ولم ويحك؟
وصارحه ابن العاص بالواقع قائلا :
أمّا أنت فخذلته ومعك أهل الشام ، حتى استغاث بيزيد بن أسد البجليّ فسار إليه ، وأمّا أنا فتركته عيانا وهربت إلى فلسطين (١).
وأيقن معاوية أنّ ابن العاص لا يستجيب له حتّى يجعل له أجرا كبيرا فقال له :
أتحبّني يا عمرو؟
وسخر منه ابن العاص فقال له :
ولما ذا احبّك؟ للآخرة؟ فو الله! ما معك آخرة ، أم للدنيا؟ فو الله! لا كان حتّى
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٢.