« أمّا بعد فطالما دعوت أنت وأولياؤك أولياء الشّيطان الرّجيم ، الحقّ أساطير الأوّلين ، ونبذتموه وراء ظهوركم ، وجهدتم بإطفاء نور الله بأيديكم وأفواهكم ، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون.
ولعمري ليتمّنّ النّور على كرهك ، ولينفّذنّ العلم بصغارك ، ولتجازينّ بعملك ، فعث في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك فكأنّك بباطلك وقد انقضى وبعملك وقد هوى ثمّ تصير إلى لظى (١) ، لم يظلمك الله شيئا ، وما ربّك بظلاّم للعبيد.
وقد أسهبت في ذكر عثمان ، ولعمري ما قتله غيرك ، ولا خذله سواك ، ولقد تربّصت به الدّوائر (٢) ، وتمنّيت له الأمانيّ طمعا فيما ظهر منك ، ودلّ عليه فعلك ، وإنّي لأرجو أن الحقك به على أعظم من ذنبه ، وأكبر من خطيئته ، فأنا ابن عبد المطّلب صاحب السّيف وإنّ قائمه لفي يدي ، وقد علمت من قتلت من صناديد بني عبد شمس ، وفراعنة بني سهم وجمح وبني مخزوم ، وأيتمت أبناءهم ، وأيّمت نساءهم.
وأذكّرك ما لست له ناسيا يوم قتلت أخاك حنظلة ، وجررت برجله إلى القليب ، وأسرت أخاك عمرا فجعلت عنقه بين ساقيه رباطا ، وطلبتك ففررت ، ولك حصاص (٣) ، فلولا أنّي لا أتبع فارّا لجعلتك ثالثهما ، وإنّي أولي لك بالله (٤) أليّة برّة غير فاجرة ، لئن جمعتني
__________________
(١) لظى : نار جهنّم.
(٢) الدوائر : جمع دائرة وهي الهزيمة.
(٣) الحصاص : الضراط.
(٤) أولي : أي اقسم.