والمنّان عليهم بما قد أسلفوا من الصّالحات ، فما سمعت بأحد ، ولا رأيت فيهم من هو أنصح لله في طاعة رسوله ، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربّه ، ولا أصبر على اللأواء (١) والضّرّاء وحين البأس ومواطن المكروه مع النّبيّ صلىاللهعليهوآله من هؤلاء النّفر الّذين سمّيت لك وفي المهاجرين خير كثير نعرفه جزاهم الله بأحسن أعمالهم.
وذكرت حسدي الخلفاء ، وإبطائي عنهم ، وبغيي عليهم ، فأمّا البغي فمعاذ الله أن يكون.
وأمّا الإبطاء عنهم ، والكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى النّاس ، لأنّ الله جلّ ذكره لمّا قبض نبيّه صلّى الله عليه وسلّم قالت قريش : منّا أمير ، وقالت الأنصار : منّا أمير ، فقالت قريش : منّا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فنحن أحقّ بالأمر ، فعرفت ذلك الأنصار فسلّمت لهم الولاية والسّلطان ، فإذا استحقّوها بمحمّد صلىاللهعليهوآله دون الأنصار ، فإنّ أولى النّاس بمحمّد صلىاللهعليهوآله أحقّ بها منهم ، وإلاّ فإنّ الأنصار أعظم العرب فيها نصيبا.
فلا أدري أصحابي سلّموا من أن يكونوا حقّي أخذوا ، أو الأنصار ظلموا ، بل عرفت أنّ حقّي هو المأخوذ ، وقد تركته لهم ، تجاوز الله عنهم.
وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان ، وقطيعتي رحمه ، وتأليبي عليه ، فإنّ عثمان عمل ما بلغك ، فصنع النّاس ما قد رأيت ، وقد علمت لتعلم أنّي كنت في عزلة عنه ، إلاّ أن تتجنّى ، فتجنّ ما بدا لك.
__________________
(١) اللأواء : الشدّة.