الإمام من أجل الملك والسلطان ، والإمام يقاتله من أجل الإسلام وإقامة حكم الله في الأرض.
وعلى أي حال فقد أوعز معاوية برفع المصاحف أمام الجيش العراقي ، فرفعت زهاء خمسمائة مصحف ، وتعالت أصوات أهل الشام بلهجة واحدة :
يا أهل العراق! هذا كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته من لثغور أهل الشام بعد أهل الشام؟ ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق؟ ومن لجهاد الروم؟ ومن للترك؟ ومن للكفّار؟
وكانت هذه الهتافات التي تعالت من أهل الشام كالصاعقة على رءوس الجيش العراقي ، فقد انقلب رأسا على عقب ، فخلع طاعة الإمام ومني بانقلاب مدمّر ، وراح الإمام الممتحن يحذّر جيشه من هذه الدعاوى المضلّلة ويفنّد مزاعم معاوية قائلا :
يا لسوء الأقدار! يا للأسف! يا للمصيبة العظمى! لقد أحاطت تلك الوحوش الكاسرة والبهائم المخدوعة بالإمام المظلوم الممتحن ، وكان عددهم زهاء عشرين ألفا ، وهم مقنّعون بالحديد ، شاكّون بالسلاح ، قد اسودّت وجوههم من السجود ، يتقدّمهم مسعر بن فدكيّ ، وزيد بن حصين ، وعصابة من القرّاء ، فنادوا الإمام باسمه لا بإمرة المؤمنين قائلين :
يا عليّ ، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه ، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان ، فو الله لنفعلنّها إن لم تجبهم ...
فردّ عليهم الإمام قائلا والأسى ملء فؤاده :
« ويحكم أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله ، وأوّل من أجاب إليه ، وليس يحلّ لي