ولا يسعني في ديني أن ادعى إلى كتاب الله فلا أقبله ، إنّي إنّما اقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن ، فإنّهم قد عصوا الله فيما أمرهم ونقضوا عهده ونبذوا كتابه ، ولكنّي قد أعلمتكم أنّهم قد كادوكم وأنّهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون ... ».
لقد نصحهم الإمام ودلّهم على زيف هذه الحيلة ، وإنّما لجئوا إليها لفشلهم في العمليات العسكرية ، وأنّهم لم يقصدوا بها إلاّ خداعهم ...
ومن المؤسف أنّ تلك الوحوش لم يعوا منطق الإمام ، وانخدعوا بهذه المكيدة ، وراحوا في غيّهم يعمهون ، وقد جلبوا لأنفسهم ولأمّتهم الدمار والهلاك ، فاندفعوا كالموج صوب الإمام بأصوات عالية قائلين :
أجب القوم ...
أجب القوم وإلاّ قتلناك ...
وفي طليعة هؤلاء المنافق الخبيث الأشعث بن قيس الذي كان على اتّصال وثيق بابن العاص ، فقد تسلّح بهؤلاء المتمرّدين ، وهو ينادي بقبول التحكيم ، والاستجابة لدعوة أهل الشام.
ولم يجد الإمام بدّا من إجابتهم فأصدر أوامره بإيقاف عمليات الحرب ، وقد ذاب قلبه الشريف ألما وحزنا فقد أيقن بزوال دولة الحقّ ، وانتصار دولة الظلم والبغي وأنّ دماء جيشه التي سفكت في سبيل الله قد ضاعت وذهبت سدى.
وأصرّ عليه اولئك الأقزام بسحب قائده العام مالك الأشتر من ساحة الحرب ، وكان الأشتر قد أشرف على نهاية الفتح ، ولم يبق بينه وبين النصر الحاسم إلاّ حلبة شاة أو عدوة فرس ، فأرسل إليه الإمام بإيقاف العمليات العسكرية ، فلم يعن مالك بما امر به ، وقال لرسول الإمام :
قل لسيّدي ليست هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني فيها عن موقفي ،