إنّي قد رجوت الله أن يفتح لي ، فلا تعجلني ...
وقفل الرسول راجعا إلى الإمام ، وأخبره بمقالة مالك ، فارتفعت أصوات اولئك الوحوش بالإنكار على الإمام قائلين له :
والله! ما نراك أمرته إلاّ أن يقاتل ...
وامتحن الإمام المظلوم كأشدّ ما يكون الامتحان ، فقال لهم :
أرأيتموني ساررت رسولي إليه ، أليس إنّما كلمته على رءوسكم علانية ، وأنتم تسمعون؟
ولم يستجيبوا لقول الإمام ، وأصرّوا على تمرّدهم وغيّهم قائلين :
ابعث إليه فليأتك وإلاّ فو الله! اعتزلناك ...
وأجمعوا على الشرّ والعدوان قائلين بعنف :
ابعث إليه فليأتك ...
وأجمعوا على الفتك بالإمام ومناجزته ، فلم يجد الإمام بدّا من إصدار أوامره المشدّدة إلى مالك بالانسحاب الفوري عن ساحة الحرب ، فاستجاب الأشتر على كره ، وقد انهارت قواه ، فقال لرسول الإمام :
ألرفع هذه المصاحف حدثت هذه الفتنة؟
نعم.
وعرف الأشتر أنّ مكيدة ابن العاص قد أوجدت هذا الانقلاب في جيش الإمام ، فقال بحرارة وألم :
أما والله! لقد ظننت أنّها ـ أي رفع المصاحف ـ ستوقع اختلافا وفرقة ، إنّها مشورة ابن العاهرة ـ يعني عمرو بن العاص ـ ألا ترى إلى الفتح؟! ألا ترى إلى ما يلقون؟