ألا ترى ما يصنع الله بهم؟
أيبتغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟
وأحاطه رسول الإمام علما بحراجة الموقف والأخطار الهائلة المحدقة بالإمام قائلا :
أتحبّ أنّك إن ظفرت هاهنا ، وأنّ أمير المؤمنين بمكانه الذي هو به يفرّج عنه ، ويسلّم إلى عدوّه ...
فقال الأشتر مقالة المؤمن الممتحن :
سبحان الله لا والله! ما أحبّ ذلك.
وطفق رسول الإمام يخبر الأشتر بحراجة الموقف ، وما احيط به الإمام من أخطار قائلا :
إنّهم قالوا : لترسلنّ إلى الأشتر فليأتينّك أو لنقتلنّك بأسيافنا كما قتلنا ابن عفّان ، أو لنسلمنّك إلى عدوّك ...
وقفل الأشتر راجعا ، وقد ذهبت نفسه شعاعا ، فقد تحطّمت آماله ، وضاعت أهدافه ، وخسر المعركة بعد أن أشرف على الظفر ، وطلب من اولئك الممسوخين أن يخلّوا بينه وبين عدوّهم الذي سفك دماءهم ، وحصد رءوس أخيارهم ، وأنزل أفدح الخسائر الموجعة بهم فلم يذعنوا له ، ولم يستجيبوا لقوله ، وطلب منهم قائلا :
أمهلوني عدوة الفرس فإنّي قد طمعت في النصر.
فردّوا عليه بشراسة وعنف قائلين :
إذن ندخل معك في خطيئتك ...
وانبرى الأشتر يحاججهم ببالغ الحجّة ، ويفنّد ببرهانه ما ذهبوا إليه قائلا :
فحدّثوني عنكم ، وقد قتل أماثلكم ، وبقي أراذلكم ، متى كنتم محقّين؟