افّ لك يا زمان! وتعسا لك يا دهر! هذا الصعلوك الغبي يتحكّم في رقاب المسلمين؟ ويعزل وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وباب مدينة علمه ، وأبا سبطيه ، والبائت على فراشه ، وحاميه من كيد الطغاة القرشيّين ، والمجاهد الأوّل في الإسلام الذي ليس مثله في نصرته وحمايته للنبيّ صلىاللهعليهوآله ؟
إنّ الذي خلع الإمام عليهالسلام ، وجعل الأشعري يتحكّم في مصير المسلمين ، إنّما هم أعضاء السقيفة والشورى ، والحكم في ذلك لا يحتاج إلى الدليل فهو واضح وضوح الشمس.
وعلى أي حال فقد عزل الأشعري الإمام أمير المؤمنين عملاق هذه الامّة ، ورائد العدالة الكبرى في الأرض الذي طوّق الدنيا بمواهبه وعبقرياته ، ورشّح لخلافة المسلمين عبد الله بن عمر الذي لا يحسن طلاق زوجته ( على حدّ تعبير أبيه ) ... حقّا إنّها من مهازل الزمن التي تمثّلت في ذلك العصر الذي أخمدت فيه أضواء الفكر ، وأفلت تعاليم القرآن. ومهما يكن الأمر فقد انبرى الماكر الخبيث ابن العاص إلى منصّة الخطابة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أيّها الناس ، إنّ أبا موسى عبد الله بن قيس خلع عليّا ، وأخرجه من هذا الأمر الذي يطلب ، وهو أعلم به ، ألا وأنّي خلعت عليّا معه ، وأثبتّ معاوية عليّ وعليكم ، وإنّ أبا موسى قد كتب في الصحيفة أنّ عثمان قتل مظلوما (١) شهيدا ، وأنّ لوليّه أن يطلب بدمه حيث كان ، وقد صحب معاوية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وصحب أبوه النبيّ صلىاللهعليهوآله (٢).
__________________
(١) إنّ الصحيفة التي تمّ الاتّفاق عليها لم يذكر فيها المطالبة بدم عثمان عميد الأمويّين وشيخهم.
(٢) إنّ أبا سفيان صحب النبيّ في واقعة احد وغيرها من الحروب التي قادها للقضاء على الإسلام.