ولا بالمدينة بيت إلاّ دخله من ذلك الرّماد شيء ».
واضطرب الإمام الحسن فسارع قائلا :
« ما تأويل هذه الرّؤيا؟ ».
« إن صدقت رؤياي ، فإنّ أباك مقتول ، ولا يبقى بمكّة ولا بالمدينة بيت إلاّ دخله الحزن من أجلي ... ».
ووجم الإمام الحسن وراح يقول بذوب روحه :
« متى يكون ذلك؟ ».
« إنّ الله تعالى يقول : ( وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) ، ولكن عهد إليّ حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان ، يقتلني عبد الرّحمن بن ملجم ... ».
وراح الإمام يقول بلوعة وفزع :
« إذا علمت ذلك فاقتله ... ».
« لا يجوز القصاص قبل الجناية ، والجناية لم تحصل منه ... ».
وأراد الإمام الحسن أن يصحبه إلى الجامع فأقسم عليه الإمام بالرجوع إلى فراشه ، ولم يسمح له بالخروج معه ، ومضى الإمام عليهالسلام إلى بيت الله تعالى فجعل يوقظ الناس على عادته لعبادة الله الواحد القهّار ، واجتاز على قوم فقبض على كريمته وقال : « ظننت فيكم أشقاها الّذي يخضّب هذه من هذه » ، وأومأ إلى لحيته (١) ، ثمّ شرع إمام المتّقين وسيّد الموحّدين في صلاته ، وبينما هو ماثل بين
__________________
(١) الكامل ـ المبرّد ٣ : ١٤٢.