الخمسة الثانية في بلد آخر ليست بينه وبين البلد الأول مسافة ، كالكوفة والنجف ، فإن فرض أنه كان قد صلّى صلاة رباعية ، فحينئذ يمكن أن يصوم الخمسة الأخرى في الكوفة مثلا ، لأن العدول عن الإقامة بعد صلاة رباعية ، لا يفسخ حكم الإقامة شرعا ، فيبقى حكمها ثابتا شرعا ، إلى أن ينشئ سفرا شرعيا ، وعلى فرض أن لا يكون قد صلّى رباعية ، فلا يمكنه أن يكمل صومه في الكوفة ، لأن مقتضى القاعدة ، هو انهدام حكم الإقامة ، بزوال قصد الإقامة ، غاية الأمر ، خرجنا عن مقتضى القاعدة ، بخصوص ما إذا صلّى رباعية ، وبعد عدم حمل صلاة رباعية ، على كونها مثالا لأثر الإقامة ، سواء كان صوما أو صلاة تامة ، وبعد الجمود على مورد النص ، يكون مقتضى القاعدة فيما لو هدم الإقامة في أثناء العشرة ، أن تنهدم الإقامة ، وليس قاصدا للإقامة ، إذن فلا يمكن أن يصوم الخمسة أيام الباقية ، وبهذا يظهر أن تمكن هذا المسافر من صوم عشرة أيام إلى آخرها موقوف على الجامع بين أمرين ، بين أن يصلّي رباعية ، وبين أن يبقى في النجف عشرة أيام ، لأنه لو انتفى هذا الجامع ، بمعنى أنه لم يصلّ رباعية وفي اليوم السادس قرّر الانتقال إلى الكوفة ، فحينئذ ، لا يجوز له أن يصوم في اليوم السابع إلى العاشر ، وإنما يصح منه صوم عشرة أيام ، مبني على تحقق الجامع بين الأمرين ، إمّا أن يصلّي رباعية ، وإمّا أن يمكث عشرة أيام ، ومن الواضح أن هذا الشخص دائما يصلي رباعيّة في اليوم الأول من إقامته قبل أن يتحقق منه المكث عشرة أيام ، إذن فإقامة عشرة أيام ليست لها دخل أصلا في غرضه ، وهو تصحيح الصوم ، لأنها مسبوقة بالرباعية ، ولأنّ تصحيح الصوم المستمر عشرة أيام ، موقوف على الجامع بين الأمرين المذكورين ، وحيث أن أحد فردي الجامع ، وهو صلاة رباعيّة ، دائما أسبق زمانا ، من المكث عشرة أيام ، إذن فالمكث عشرة أيام ، لا يكون دخيلا في الغرض أصلا ، فالإشكال ، بناء على هذا ، يكون مسجلا ، إذ لو فرض أن ملاك الإتمام ، بالنسبة إلى هذا المسافر ، هو قصد الإقامة ، بمعنى الإرادة ، والإرادة فسرت بمعنى الحب ، وحينئذ ، هذا الشخص ، ينشئ في نفسه حبّ الإقامة في هذا البلد ، بلحاظ مصالح بنفس الإقامة ، كطيب المناخ