في هذا البلد أو لسبب وآخر ، غير مربوط بباب الصوم والصلاة ، فبعد هذا يصح منه الصوم.
وأمّا إذا أخذنا بالفرضية الثانية ، وهي فرضية ، أن مناط الإتمام والصيام ليس الإقامة ، بمعنى الحب ، وإنما هو قصد الإقامة ، بمعنى التصميم والالتزام ، ولو مكرها على البقاء عشرة أيام ، فعلى ما ذكرناه من أن الإنسان مسلّط على أفعاله وتروكه ، يمكن أن يختار أحد المتساويين على الآخر جزافا ، من دون مرجّح ، وهنا ، أيضا ، اتخذ جزافا قرار البقاء عشرة أيام ، فيلحقه الحكم بالإتمام والصيام ، فإذا كان المناط هو اتخاذ القرار بالبقاء عشرة أيام ، فحينئذ ، الإشكال السابق ، ينحل ، باعتبار أن الالتزام والتعهد ، فعل من أفعال النفس ، وليس صفة من قبيل الحب والبغض ، فكما أن الأفعال الخارجية من أفعال النفس وتحت سلطانها ، فكذلك الالتزام والتّعهد من مقدمات الفعل ، ونسبتها إلى النفس ، نسبة الفعل إلى الفاعل ، إذن يمكن أن ينشأ هذا الفعل لمصلحة في نفسه ، فإذا قيل لك خذ الدينار في مقابل الالتزام بمطلب ، فقد نشأ الالتزام لمصلحة في نفس الالتزام ، بل ذكرنا أن الالتزام ، وكل فعل واقع تحت سلطان النفس ، لا يحتاج إيقاعه إلى وجود مصلحة ، ويمكن للنفس أن ترجح جزافا ، أحد المتساويين على الآخر ممّا هو واقع تحت سلطانها ، إذن فلا يقع الإشكال من هذه الناحية.
نعم يقع إشكال ، من ناحية أخرى ، وهو أن الالتزام بالبقاء عشرة أيام ، هل يتأتى بشكل جدّي وحقيقي من هذا المسافر ، الذي غرضه تصحيح الصوم؟.
قد يقال بأنه لا يتأتى هذا الالتزام بصورة جدية ، وذلك لأن هذا المسافر يعلم أنه بعد يومين ، إذا صحّ صومه ، لا يبقى له أي داع لهذا الالتزام ، ولعلّه يفضيه شوقه إلى أهله ، أن يرجع إلى بلده ، ولا يبقى مسافرا ، إذن مع التفاته إلى أن هذا الالتزام سوف لن يبقى له ضمان لبقائه تحت يده فيما بعد ، فكيف يمكن الالتزام الآن جدّيا بالبقاء عشرة أيام ، إذن الالتزامات من الإنسان