التقريب الثاني
أن يقال ، بأنه لو سلّم أن إطلاق المادة ساقط ، باعتبار البرهان العقلي ، القائم على استحالة الشمول للحصة غير الاختيارية ، لا بلحاظ المحمول الأول ، ولا بلحاظ المحمول الثاني ، لكن ما هو مدرك عدم السقوط؟. أليس مدرك عدم السقوط ، هو التمسك بإطلاق الهيئة في المقام؟. حيث يقال ، بأن إطلاق المادة بعد سقوطه واختصاص المادة بالحصة الاختيارية ، يتمسّك حينئذ بإطلاق الهيئة ، لإثبات أنّ الوجوب ثابت على كل حال ، سوءا أوتي بالحصة غير الاختيارية ، أو لم يؤت بها؟.
نعم لو كان إطلاق المادة ثابتا ، لما أمكن التمسك بإطلاق الهيئة ، إذ لو كان إطلاق المادة ثابتا وكانت الحصة غير الاختيارية مصداقا للواجب ، لما أمكن التمسك بإطلاق الهيئة ، أي الوجوب ، لفرض وقوع الحصة غير الاختيارية ، إذ كيف يعقل ثبوت الوجوب ، مع وقوع المادة والمتعلّق خارجا؟.
لكن بعد فرض سقوط إطلاق المادة وأنها قيّدت بخصوص الحصة الاختيارية ، حينئذ يتمسك بإطلاق الهيئة أي الوجوب ويقال ، إن وجوب الحصة الاختيارية ثابت ، سواء أوتي بالحصة غير الاختيارية أو لم يؤت بها.
إذن فمدرك عدم السقوط ، هو التمسك بإطلاق الهيئة.
ولكن صاحب هذا البيان يريد أن يقول ، بأنه لا يمكن التمسك بإطلاق الهيئة.
وحاصل هذا المطلب أنه في خطاب «اغسل» كان يوجد إطلاقان ، إطلاق في الهيئة في مفاد الهيئة ، وهو الوجوب ، وإطلاق في المادة ، ومقتضى إطلاق الهيئة ، الذي هو إطلاق الوجوب ، أنّ الوجوب ثابت على كل حال ، سواء وقع الغسل خارجا أو لم يقع ، ومقتضى إطلاق المادة في نفسه ، أنّ متعلّق الوجوب هو مطلق الغسل ، سواء كان اختياريا أو غير اختياري.