اقتضت عدم الصحة لا يلزم من ذلك هدمها لنفسها ، بل غاية ما يلزم ، تعذّر وجود المبغوض في الخارج.
وتوضيحه : إن وجه اقتضاء هذه المبغوضية المتعلقة بالعمل الصحيح للبطلان هو ، أن المكلف يجب أن يأتي بالعمل بقصد القربة حتى يقع صحيحا ، وحيث أنه مبغوض ، فلا تتأتى القربة ، ومعه فلا يقع صحيحا.
إذن فمبغوضية العمل الصحيح يوجب تعذّر وقوعه في الخارج ، لا أنه يوجب انقلابه فاسدا وتعذّر وقوعه خارجا لا محذور فيه ، إذ لا يلزم منه ، أن الشيء يفني نفسه ، وإنما المحذور هو ، أن تكون مبغوضية عنوان ، توجب انسلاخ ذاك العنوان في نفسه.
وبتعبير آخر ، إن هذه المبغوضية إن لوحظت بالإضافة إلى متعلقها في أفق الباغض ، فهي متعلقة بالعمل الصحيح إلى الأبد ، بمعنى أنّ المولى يبغض العمل الصحيح لأنه يفوّت الجزء المهم من غرضه ، إذن فتعلق المبغوضية بعنوان العمل الصحيح في أفق المولى لا يلزم منه عدم تعلقها به ، بل تبقى متعلقة بهذا العنوان إلى الأبد ، ففي أفق المولى لا يلزم محذور أن الشيء يعدم نفسه.
نعم تعلقها بهذا العنوان في أفق المولى مع وصولها إلى المكلف خارجا ، يعجز المكلف أن يأتي بمصداق لهذا العنوان ، وهذا لا يوجب قلب المبغوضية وإفنائها ، بل غايته أنها مبغوضية عنوان لا يعقل إيجاده في الخارج ، ولا بأس بذلك ، إذ ما أحسن أن تكون مبغوضية عنوان ، توجب استحالة وقوعه في الخارج ، فإنه بهذا يتخلّص كل إنسان من كل ما يبغضه خارجا.
البيان الثاني :
هو أنه لو سلّم أن هذه المبغوضية الغيرية لا يلزم من وجودها عدمها ، ولكن يستحيل تعلق النهي الغيري بهذا العنوان ، لأنه تكليف بغير المقدور بناء على أنها توجب تعجيز المكلف عن إيقاعه في الخارج ، ولذا لا يعقل مثل هذا