وبهذا يتضح أن تصوير إدخال المقام تحت كبريات البراءة والاشتغال يختلق باختلاف المباني الثلاثة.
وأمّا الغرض الثاني ، الذي تعرّض له العراقي وقد كان حاصله ، هو أن يكون الفعل الاضطراري دائرا بين الصورة الثالثة والرابعة بحيث يعلم بأنّ الصلاة الجلوسية ليست وافية بتمام ملاك الواقع وأنه تبقى بقية مهمة لكن لا يعلم بأن هذه البقية هل يمكن تحصيلها؟. وهذه هي الصورة الرابعة ، أو أنه لا يمكن تحصيلها؟. وهذه هي الصورة الثالثة ، فيكون الأمر دائرا بين الإجزاء بملاك عدم التحصيل والتفويت وبين عدم الإجزاء.
وفي هذا الغرض ذكر العراقي بأن المورد وإن كان من موارد الشك في التكليف ، لأن المكلف يشك بأنه هل هو مكلف بالإعادة أو هو غير مكلف بذلك ، وذلك لأنه إن كان قادرا على استيفاء الباقي فهو مكلف بالإعادة ، وإن لم يكن قادرا على استيفاء الباقي فهو غير مكلّف بذلك ، لكن مع هذا لا تجري البراءة ، بل تجري أصالة الاشتغال وذلك لأن شكّه في التكليف بسبب كونه شاكا في القدرة على استيفاء الباقي أو غير قادر عليه وعند الشك في التكليف الناشئ من الشك في القدرة لا يكون مشمولا لأدلة البراءة بل يكون مجرى لأصالة الاشتغال.
وهذا الذي ذكره المحقق العراقي بحاجة إلى تفصيل حتى يتضح الموقف منه.
وحاصل التفصيل هو ، أن الصورة الثالثة التي هي صورة الإجزاء بملاك التفويت ، فيها ثلاثة مباني لا بدّ من استعراضها حتى نرى أن صيغة الشك والتردد بين الصورة الثالثة والرابعة ما ذا يجري فيها ، البراءة أو الاشتغال؟.
المبنى الأول ، في الصورة الثالثة ، هو أن نلتزم فيها بتعلق أمر بالجامع ونقول ، بأن الصلاة الجلوسية إذا كانت وافية ببعض الملاك ويبقى بعض آخر لا يمكن تداركه ، ففي مثل ذلك ، المولى يأمر بالجامع ما بين الصلاتين ويرخص