الاشتغال من ناحية الشك في القدرة ، وذلك لأن الشك في القدرة إنما يكون مجرى لأصالة الاشتغال فيما إذا كان شكا في القدرة على ما دخل في عهدة المكلف ، وما يدخل في عهدة المكلف إنما هو الواجب ومتعلق الأمر ، وما هو مشكوك القدرة عليه في المقام ليس هو ذات الواجب ، لأن الواجب الذي هو الصلاة القيامية لا شك في القدرة عليه وإنما الشك في القدرة على تحصيل الغرض من الواجب ، تلك المعراجية الروحانية ، وذاك الغرض لا يدخل في العهدة أصلا إلّا بمقدار ما يلزم المولى بتحصيله.
إذن فدعوى جريان أصالة الاشتغال من ناحية الشك في القدرة ، إن أريد الشك في القدرة بلحاظ متعلق الأمر فهو مرفوض الصغرى لأن متعلق الأمر هو الصلاة القيامية وهي لا شك فيها.
نعم إذا تحقق الشك في القدرة جرت أصالة الاشتغال ، وذلك مثل من كان جنبا فهو مأمور بالغسل في نفسه ثم يشك بأنه هل يقدر على الذهاب إلى الحمّام لاحتمال كون الحمّام ما زال مغلقا.
هنا الشك في القدرة لاحتمال كون الحمام مغلقا ليس معذرا له بل لا بدّ له من الذهاب والفحص عن حال انغلاق الحمّام وعدمه لأن هذا شك في القدرة بلحاظ الواجب. ولكن في المقام لا يوجد شك في القدرة بلحاظ الواجب.
وإن أريد تطبيق الشك في القدرة بلحاظ الغرض الذي من أجله أوجب الله الصلاة ، فمثل هذا الغرض لا يدخل أصلا في عهدة المكلف حتى تجري أصالة الاشتغال إذ قلنا بأن تفويته القطعي جائز إذا لم يتصدّى المولى إلى تحصيله فكيف بتفويته الاحتمالي ، إذن فلا مجال للشك في القدرة.
فالصيغة المعقولة للشك في هذا الغرض إذن ، هي أنّ وجوب الصلاة القيامية معلوم على كل حال ، وهذا الوجوب إمّا مطلق أو مقيّد ، ومرجع الشك في إطلاقه وتقييده إلى أنه متيقن في حالة ومشكوك في حالة أخرى فتجري البراءة عنه في الحالة الثانية.