وجه ، ولا موجب لتقديم أحدهما على الآخر ، وذلك لأنّ الوجوب مستفاد من إطلاق الطلب الشديد في قوله «أكرم الفقيه» ، فيقع إطلاق الطلب طرفا للمعارضة مع إطلاق العالم في قوله لا يجب إكرام العالم فالأمر يدور ، بين أن نقيّد إطلاق العالم بغير الفقيه ، تحفظا على إطلاق أكرم الفقيه الظاهر في الوجوب ، وبين أن نقيّد إطلاق الطلب ، في أكرم الفقيه ، فنحمله على الطلب غير الشديد ، تحفظا على إطلاق العالم في خطاب «لا يجب إكرام العالم».
إذن بناء على مسلك الإطلاق ، يقع التعارض ، بين إطلاقين متعارضين في عالم الدليل اللفظي ، بحيث أن النسبة بين هذين الإطلاقين ، من قبيل النسبة بين العامين من وجه ، بمعنى أنه يمكن رفع اليد عن كل منهما ، تحفظا على الآخر ، إذن فرفع اليد عن أحدهما بعينه دون الآخر ، ترجيح بلا مرجح ، فيتساقط الإطلاقان معا في المقام.
وأمّا بناء على مسلك الوضع ، فلا تعارض بين الإطلاقين ، بل يكون دليل «أكرم الفقيه» ، مخصّصا لدليل «لا يجب إكرام العالم» ، لأن النسبة بينهما تكون نسبة الخاص إلى العام ، ولا إشكال عند العرف والفقه ، أن البناء هو التخصيص ، حتى عند أصحاب مسلك الإطلاق ، وحينئذ ، بما أن التخصيص لا يصح إلّا بناء على الوضع ، فلا يكفي مسلك الإطلاق لتفسير ما عليه البناء فقهيا وعرفيا من التخصيص ، لأنه بناء على مسلك الإطلاق ، يقع التعارض بين الإطلاقين ، ولا ترجيح لأحدهما دون الآخر ، فيتساقطان ، مع أن أصحاب الإطلاق ، يقولون في الفقه بالتخصيص ، فيما إذا ورد دليلان ، كالخطابين المذكورين ، فهذا يكشف بالإن على أن ملاك الدلالة هو الوضع لا الإطلاق ومقدمات الحكمة بالخصوص.
وهذا الإشكال ، يمكن دفعه بأحد وجهين من قبل أصحاب مسلك الإطلاق ، بحيث يمكن توجيه التخصيص ، حتى على مسلك الإطلاق.