الوجه الأول
هو أن يقال ، بأنه بناء على مسلك الإطلاق ، وإن كان هناك تعارض بين إطلاق «أكرم الفقيه» ، الذي يقتضي حمل الطلب على الوجوب ، وإطلاق العالم ، في «لا يجب إكرام العالم» ، الذي يقتضي الشمول حتى للفقيه ، لكن مع هذا ، يلتزم بأن دليل «أكرم الفقيه» ، مخصّص لدليل «لا يجب إكرام العالم» ، وذلك لأن الأخصية هي قرينة عرفية ، ومناط هذه القرينة العرفية هو الأخصيّة بلحاظ الموضوع لا بلحاظ المحمول ، يعني إذا تعارض دليلان ، فلا بدّ من ملاحظة موضوع كل منهما منسوبا إلى موضوع الآخر ، لا موضوع أحدهما مع محمول الآخر ، ففي المقام في هذين الدليلين ، تارة ننظر إلى موضوع كل منهما ، فنرى أن النسبة بينهما العموم والخصوص المطلق ، لأن موضوع أحدهما هو الفقيه ، وموضوع الآخر هو العالم ، والفقيه أخص من العالم ، لأنه أحد أقسام العالم ، وتارة أخرى ننظر إلى مجموع الجهات في الدليلين ، يعني إلى الموضوع مع المحمول الذي هو الحكم ، نرى أن كلّا من الدليلين فيه جهة إطلاق وجهة أخصّية ، فيكون عندنا إطلاقان ، إطلاق «أكرم» الذي هو الحكم ، وإطلاق عالم الذي هو الموضوع ، وهذان إطلاقان متساويان من حيث كونهما إطلاقا ، فهما عامان وليس أحدهما أخصّ من الآخر حتى يخصص أحدهما الآخر ، وحينئذ ، إن كان الميزان في النظر العرفي في مقام الجمع الدلالي ، هو الأخصّية المتحصلة بلحاظ الموضوعين فقط ، إذن فالإشكال غير وارد في المقام ، لأن في المقام موضوع أحد الدليلين أخص من الآخر ، فيخصّص أحد الدليلين الدليل الآخر ، وإن كان ميزان الأخصّية هو الأخصية المتحصلة بعد ملاحظة الموضوع والمحمول معا وسائر الجهات في كلا الدليلين فحينئذ ، الأخصّية في المقام غير موجودة بل يقع التعارض بين الدليلين.
فالمسألة مبنية على تحقيق مطلب في بحث الجمع العرفي ، وهو أن الأخصّية التي هي ميزان تقديم أحد الدليلين على الآخر ، هل هي الأخصية