وقوله : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
فيه دليل على أن فى التراجع إيجاب عقد بهما جميعا ؛ فدل على قطع رجعه الثانى المحل (١) للزوج الأول ، وذلك أن لا رجعة فيه لغيره. وقوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) ، أضاف (الرد) إلى الأزواج ؛ فدل أنهم ينفردون به دونهن.
ثم ذكر الكتاب : (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) ، جعل سبب الحل على الزوج الأول نكاح الثانى ، لم يجز أن ينهى عنه ، وقد جعل هو سبب رفع الحرمة ؛ إذ مثل (٢) هذا ـ فى أحكام الله تعالى ـ لا يوجد ولا يستقيم وهو كالوضوء فيما جعل سببا لإقامة الصلاة ، ولم يجز أن يجعل سببا لها ثم يكره الإقدام عليه وينهى عنه ، وكالتحريم إذ جعل سببا للدخول بها فى الصلاة لم يجز النهى عنها ، وبها قوامها. كذا هذا ، لما جعل سببا لرفع الحرمة به لا جائز أن ينهى عنه.
ثم فيه دلالة جواز نكاح المحلل. فإن سئلنا عن قوله عليه الصلاة والسلام : «لعن الله المحلل والمحلل له» (٣). قيل : لحوق اللعن لأجل النكاح على قصد الفراق والطلاق ، ليس لأجل التحليل على الأول ، ورفع الحرمة عنه ، دليله قوله عليه الصلاة والسلام : «إن
__________________
(١) فى أ : الحل.
(٢) فى أ ، ط : فى.
(٣) حديث على :
أخرجه أحمد (١ / ٨٧ ، ١٠٧ ، ١٢١ ، ١٣٣ ، ١٥٠ ، ١٥٨) ، وأبو داود (٢ / ٥٦٢) كتاب : النكاح ، باب : فى التحليل ، حديث (٢٠٧٦) ، والترمذى (٣ / ٤٢٧) كتاب : النكاح ، باب : المحلل والمحلل له ، حديث (١١١٩) وابن ماجه (١ / ٦٢٢) كتاب : النكاح ، باب : المحلل والمحلل له ، حديث (١٩٣٥) ، وأبو يعلى (١ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤) رقم (٤٠٢) ، والبيهقى (٧ / ٢٠٨) كتاب : النكاح ، باب : فى نكاح المحلل ، كلهم من طريق عامر الشعبى عن الحارث عن على ابن أبى طالب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لعن الله المحلل والمحلل له».
حديث ابن مسعود :
أخرجه أحمد (١ / ٤٤٨) ، والترمذى (٣ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩) كتاب : النكاح ، باب : المحلل والمحلل له ، حديث (١١٢٠) ، والنسائى (٦ / ١٤٩) كتاب : النكاح ، باب : إحلال المطلقة ثلاثا ، والدارمى (٢ / ١٥٨) كتاب : النكاح ، باب : فى النهى عن التحليل ، والبيهقى (٧ / ٢٠٨) كتاب : النكاح ، باب : ما جاء فى نكاح المحلل ، من طرق عن سفيان عن أبى قيس عن هزيل ابن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود قال : لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم المحلل والمحلل له.
قال الترمذى : هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد (١ / ٤٥٠ ـ ٤٥١) ، وأبو يعلى (٨ / ٤٦٨) رقم (٤٠٥٤) ، والبغوى فى شرح السنة (٥ / ٧٨) من طريق عبد الكريم الجزرى عن أبى واصل عن عبد الله بن مسعود ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعن المحلل والمحلل له.