سأل ربه على الخلة.
وقيل : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) ، قال : (بَلى ، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) بأنك أريتنى الذى أردت.
ويحتمل : أن يكون إبراهيم ، عليه الصلاة والسلام ، أراد بسؤاله ذلك أن تكون له آية حسية ؛ لأن آيات إبراهيم كلها كانت عقلية ، وآيات سائر الأنبياء كانت عقلية وحسية ، فأحب إبراهيم ، صلوات الله عليه وسلامه ، أن تكون له آية حسية ، على ما لهم ، كسؤال زكريا ربه حيث قال : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) [آل عمران : ٤١] ، جعل له آية حسية ؛ فعلى ذلك سؤال إبراهيم ، عليهالسلام.
وقوله تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ).
معناه : وجههن إليك ، كقول الرجل : «صر وجهك إلىّ» ، أى : حول وجهك إلىّ.
وروى فى حرف ابن مسعود ـ رضى الله تعالى عنه ـ : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) ، بالكسر ، بمعنى قطعهن ، قيل : هو التقطيع.
وقيل (١) : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) ، اضممهن.
قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)(٢٦٣)
وقوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
يحتمل ضرب مثل النفقة فى سبيل الله بالحبة التى ذكر وجهان :
أحدهما : أن يبارك فى تلك النفقة ، فيزداد وينمو ، على ما بارك فى حبة واحدة فصارت سبعمائة وأكثر.
والثانى : قال : (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البقرة : ٢٧٦] ، ورأوا الصدقة تتلف وتتلاشى فى أيدى الفقراء فقالوا : كيف تربى ، وهى تالفة؟ فقال : تربى كما أربى الحبة فى الأرض بعد ما تلفت فيها وفسدت ، فصارت مائة وزيادة. فعلى ذلك الصدقة فى طاعة الله والنفقة فيما يربى وإن كانت تالفة.
__________________
(١) قاله عطاء ، أخرجه ابن جرير عنه (٦٠١١).