على نحو الايجاب لا يقتضي للنهي عن ضده الخاص ، فهذا النهي التبعي العقلي المتعلق بالضد لا يدل على حرمة الضد ولا على فساده ، ولا على سقوط الأمر به. وعلى طبيعة الحال فاذا ترك المكلف الازالة ثم فعل الصلاة فصلاته صحيحة كاملة ، لان هذا النهي لا يخصص عموم وجوب الصلاة ، ولا يقيّد اطلاقه ، فيشملانه ، ويمكن قصد التقرب بفعلها ، واما اذا قلنا ان الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص ، فالنهي عن الضد حقيقي ، ويترتب عليه لوازمه من الحرمة الذاتية والفساد وسقوط الأمر به ، والتخصيص والتقييد به ، اي تخصيص عموم وجوبها وتقييد اطلاقه بغير الصلاة التي تزاحم الازالة ، كما لا يخفى.
قوله : المقام الثاني في المعاملات ونخبة القول فيها ان النهي الدال على حرمتها لا يقتضي الفساد ...
فلا ملازمة بين حرمة المعاملة وبين فسادها ، لا لغة ولا عرفا ، اذ من الممكن ان يكون انشاء الايجاب والقبول وايجادهما حرامين ولكن يترتب على ايجادهما الاثر المقصود منه وهو النقل والانتقال كانشاء الايجاب والقبول وقت النداء لصلاة الجمعة مثلا. لأن صحة المعاملة عبارة عن ترتب الأثر المقصود عليها ، فلا منافاة بين حرمتها وبين ترتب الأثر عليها من حصول الملكية والنقل والانتقال ، بخلاف حرمة العبادة وصحتها ، فللتنافي بينهما فيها ، لان الصحة فيها عبارة عن فعلها بقصد القربة وبعنوان المقربية ، بحيث يكون فعلها مسقطا للاعادة والقضاء ، ولان حرمتها هي مبغوضيتها ، والمقربية والمبغوضية متنافيتان ، وعلى هذا فالملازمة ثابتة بين حرمة العبادة وفسادها.
بخلاف حرمة المعاملة ، فانه لا ملازمة لغة ولا عرفا بينها وبين فسادها ، سواء كانت الحرمة متعلقة بوجود السبب كالعقد ، فالمراد من المعاملة في كلام المصنف هو السبب ، اي العقد الذي هو الفعل المباشري للعاقد ، وهو سبب حصول أثر المعاملة كالنهي عن البيع وقت النداء ، اي النهي عن ايقاع العقد وقت النداء ، أم كانت