الحمد والكلام ، فالامر بها إرشادي لا مولوي. ولهذا لا يستحق ثوابا على اتيان الجزء ولا عقابا على فعل الاستدبار بل العقاب على بطلان المأمور به.
وليست النواهي في المعاملات التي تقابل العبادات ظاهرة في الارشاد. كما ان الاوامر فيها توصيلية ، اذ لا يعتبر فيها قصد القربة. فاذا لم يكن الظهور للنواهي فيها فلا محالة من الرجوع الى القرائن في خصوص المقامات فيؤخذ بمفادها. إما الارشادية واما المولوية. وعلى تقدير فقدها فلا محيص عن الأخذ بمقتضى ظاهر صيغة النهي من حرمة المنهي عنه ذاتا وتكليفا ، وقد عرفت انها غير مستلزمة للفساد في المعاملات لا لغة ولا عرفا.
نعم ، ربما يتوهم استلزام الحرمة الذاتية للفساد شرعا من جهة دلالة الاخبار المتعددة عليه ، منها رواية (الكافي) و (من لا يحضره الفقيه) عن زرارة بن أعين ، عن الباقر عليهالسلام قال :
«سألته عن مملوك تزوّج بغير اذن سيّده. فقال : ذلك الى سيّده ، ان شاء أجازه وان شاء فرّق بينهما. قلت : أصلحك الله تعالى ان الحكم بن عتبة وابراهيم النخعي واصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد ولا يحلّ إجازة السيّد له. فقال : ابو جعفر عليهالسلام : انه لم يعص الله انما عصى سيّده ، فإذا أجاز فهو له جائز» (١).
فهذه الرواية تدل على ان نكاح المملوك غير المأذون صحيح مع الاجازة ، لانه لم يعص الله تعالى ، بل انما عصى سيّده ، فاذا عصى الله تعالى في النكاح فذلك يوجب الفساد ، مثلا : اذا نكح المملوك بغير اذن مولاه ابنة زيد مع اذنه ومع سائر الشرائط ، فهذا النكاح صحيح مع اجازة المولى اياه ، لانه لم يعص الله وانما عصى سيده ، واما لو نكح امرأة في عدتها بغير اذن سيّده ، فهذا فاسد ، لانه عصى الله تعالى ،
__________________
(١) الكافي ج ٥ ح ٣ ، من لا يحضره الفقيه ج ٣.