البارد) ، مع انه يعلم ان الماء بقيد البرودة رافع للعطش ، والعبد يعلم ايضا ان غرض المولى يكون ايجاد الماء البارد واحضاره عنده بقيد البرودة ، واما سائر مشخصاته الوجودية ككونها في أي ظرف ومن أي الماء فهو خارج عن مطلوبه ، كما لا يخفى ، فايجاد طبيعة الماء المقيدة بقيد البرودة وان كان لا ينفك في الخارج عن الخصوصية لأن الماء البارد إذا وجد في الخارج ، يكون في ظرف كذا ومن الماء كذا.
وكذا يكون غرض المولى الحكيم في قوله اقيموا الصلاة طبيعة الصلاة المحدودة بحدود مثل التكبيرة وغيرها ، والمقيدة بقيود خارجية مثل الطهارة وغيرها ، وأما سائر الخصوصيات مثل كونها في المسجد وغيره ، فلا يكون مطلوبا للمولى وان كان ايجاد طبيعة الصلاة في الخارج لا ينفك عن خصوصية من الخصوصيات ، فالقيد الذي يكون دخيلا في المطلوب والغرض ملحوظ في المأمور به ، كقيد البرودة في طلب الماء لرفع العطش. وكقيد الايمان في الأمر يعتق الرقبة المؤمنة ، واما سائر قيودها ومشخصاتها الوجودية مثل طول القامة واللون الكذائي مثلا ، فهو خارج عن المطلوب كما لا يخفى.
قوله : فانقدح بذلك ان المراد بتعلق الأوامر بالطبائع ...
فظهر مما سبق ان تعلق الأوامر بالطبائع دون الافراد باعتبار وجودها في ضمن كل فرد ، أي وجودها الذي فيه سعة ، حيث ان وجود الكلي يتحد مع وجود كل فرد في الخارج ، بخلاف وجود الفرد ، فالطبائع التي تكون متعلقة الطلب والأمر تكون مطلوبة بقيد الوجود ، وان كان بحسب الظاهر متعلق الطلب نفس الطبيعة ، ولكن علم ان معنى الأمر طلب ايجاد الطبيعة ، فالقائل بكون الأمر متعلقا بالطبائع لا الافراد ، يقول انها مطلوبة باعتبار الوجود لا بما هي هي ، إذ ليست بما هي إلّا هي أي لا تكون مطلوبة ولا غير مطلوبة. فبعد هذا التكرار اتضح المراد بالطبائع.
فمتعلق الأمر على هذا المبنى يكون من طبيعة موجودة في ضمن كل فرد من افرادها ، ولا يكون متعلق الأمر خصوص وجود فرد فرد كما يقوله القائل بتعلق