فيا أيها المسلمون : إياكم وهذا العمل الشنيع الذي يقوم به أهل الكتاب ، ولا تحزنوا ولا تضعفوا واصبروا واتقوا الله ، وبينوا الكتاب ولا تشتروا به ثمنا قليلا وعرضا زائلا ولا تفرحوا بما تفعلون ، ولا تحبوا أن تحمدوا بما لم تفعلوا فإن الله ـ تعالى ـ يكفيكم ما أهمّكم وينصركم على أعدائكم ، ويغنيكم عن هذه المنكرات التي نهيتم عنها ، فلله ملك السموات والأرض وما فيهن يعطى ويمنع وهو على كل شيء قدير ؛ لا يعز عليه نصركم وهلاك من يؤذيكم من أهل الكتاب والمشركين ، وإلى الله ترجع الأمور.
وفي هذا تسلية ووعد بالنصر للنبي صلىاللهعليهوسلم وصحبه.
ما تشير إليه الآية :
إن الواجب على العلماء وعلى كل من يفهم كتاب الله أن يبينه ويوضحه ويظهر ما فيه من عظة وأسرار في الأحكام العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، والأحكام الدينية وعلاقتها بصالح الأمة ـ وها نحن نأمل أن يوقظ الله العلماء فيثابروا ويتعاونوا ويستهينوا بالصعاب حتى يخرجوا للناس كنوز الدين بما يلائم المجتمع الحاضر. فإن الواجب ينحصر في شيئين :
(أ) تبيين الدين وحقيقته لغير المؤمنين حتى يهتدوا به ويدخلوا فيه.
(ب) تبينه للمسلمين حتى يهتدوا به ويفهموه على حقيقته ويعرفوا مخلصين أنه الطريق الوحيد للخلاص من كل ما يضرنا ويؤذينا من خلق فاسد وداء كامن ومستعمر جاثم ، فو الله! أيها الناس : لا خلاص لنا إلا بالدين ولا خير إلا في القرآن ، فتعلموه وافهموه وادرسوه تكونوا من الناجين في الآخرة.
وقد روى عن على ـ كرم الله وجهه ـ أنه قال : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا.