أن تلك السعادة غير مختصة بهم بل شاملة لكل من يتبعه كائنا من يكون وذلك ببيان عموم رسالته.
قل يا محمد لجميع البشر من كل جنس ولون ، وفي كل وقت وزمن : إنى رسول الله إليكم جميعا (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (١) ، (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (٢) ، ولقد ثبت في الصحيحين في حديث خصوصياته ، «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» صلىاللهعليهوسلم.
إنى رسول الله الذي له الملك التام ، والتصريف الكامل في السموات وعوالمها ، والأرضين وما فيها يدل على وحدة الصانع؟ وكمال قدرته وتمام علمه وحكمته.
هو الله ، لا معبود بحق في الوجود إلا هو ، أما غيره فوهم وخيال ، وخرافات لا تليق بعاقل ، إذ هو الذي يحيى كل حي ، ويميت كل ميت ، بيده الحياة والموت ، وله الأمر كله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنت ترى أن الله وصف نفسه بثلاث : هو المالك المتصرف في الملكوت ، والمعبود بحق في الوجود ، خالق الحياة والموت.
ومن كان كذلك وقد أرسل رسولا ومعه البرهان على رسالته وصدقه. فيجب أن تؤمنوا به أيها الناس ؛ فهو الرب الواحد القهار الموصوف بكل كمال ، المنزه عن كل نقص ، وآمنوا برسوله حيث قامت الأدلة على صدقه ، الرسول النبي الأمى ، آمنوا به يؤتكم كفلين (نصيبين) من رحمته ، ويجعل لكم نورا تمشون به ، ويغفر لكم ، فهو النبي الذي يعلمكم الكتاب والحكمة ويرشدكم إلى الخير والفلاح ، ويطهركم من الخرافات والرجس والأوثان والشرك والضلال ، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين ، المبشر به كل الكتب ، دينه الإسلام السمح السهل الصالح لكل زمان ومكان.
وهو النبي صلىاللهعليهوسلم الذي يؤمن بالله إيمانا كاملا لا شبهة فيه أبدا ، ويؤمن بكلماته المنزلة على رسله جميعا التي هي مظهر قدرته وحكمته ـ سبحانه وتعالى ـ واتبعوه كذلك في كل ما يأتى ويذر من أمور الدين رجاء اهتدائكم وتوفيقكم.
فيا أيها المسلمون : هذه هي نصيحة القرآن وكلمته ؛ اتبعوه لعلكم تهتدون ، والله لا هدى إلا في القرآن ، ولا خير إلا في الدين ، وعلى قدر قربنا منه واتباعنا له يكون فلاحنا ونجاحنا في الدنيا والآخرة.
__________________
(١) سورة الأنعام آية ١٩.
(٢) سورة سبأ آية ٢٨.