عبد الرحمن ، وفضال بن الحسن بن فضال ، ومحمد بن خليل السكاك ، وأبي مالك الضحاك ، وآل نوبخت جميعاً ، إلى غير ذلك ممن برع في علم الكلام ، وناظر الفرق ، بين من تتلمذ على الأئمة ، أو من تتلمذ على خريجي مذهبهم ، وتواصلت حلقات مناظراتهم حتى القرون المتأخرة وألفت كتب في العقائد والكلام والملل والنحل ، يقف القاریء على تاريخهم في كتب الرجال والتراجم وقد حفظ الكثير من نصوص هذه المناظرات والاحتجاجات لحد الآن .
كما قامت المعتزلة بمقاومة هذه التيارات الإلحادية والثنوية ، وبإزالة الشبه بفضل الأصول القرآنية والعقلية ، وقد نجحوا في ذلك نجاحاً باهراً وإن لم يكونوا ناجحين في كل ما هو الحق من الأصول والفروع الإسلامية .
وبما أن أهل الحديث لا يحسنون طريقة المعتزلة في الاحتجاج والبرهنة ، لذا كانوا يعادونهم ، كما أن الملاحدة والثنوية كانوا يعادونهم أيضاً ، لما يجدون فيهم من قوة التفكير والقدرة على الاحتجاج والمناظرة . وعلى ذلك فقد وقعت المعتزلة بين عدوين : أحدهما من الداخل ، وهم أهل الحديث ، والآخر من الخارج ، وهم الملاحدة والثنوية .
نعم كان بين المسلمين من يأبى الخوض في المسائل العقلية ويكتفي بما وصل إليه من الصحابة ، ويقتصر على ما حصل عليه من الدين بالضرورة وهم الحشوية من أهل الحديث وأكثر الحنابلة ولما التحق الشيخ أبو الحسن الأشعري بالحنابلة لم يجد محيصاً في الدفاع عن عقائدهم عن الخوض في المسائل الكلامية فألف رسالة أسماها « في استحسان الخوض في الكلام » .