قد بايعوا زيد بن علي ثم قالوا له : ابرأ من الشيخين نقاتل معك فأبى وقال : كانا وزيري جدي فلا أبرأ منهما فرفضوه وارفضوا عنه فسموا رافضة ، وقالوا الروافض ولم يقولوا : الرفاض لأنهم عنوا الجماعات » (١) .
غير أن ابن منظور ، وإن أصاب الحق في صدر كلامه وجعل للفظ معنى وسيعاً يطلق على المسلم والكافر ، والمسلم شيعيه وسنيه لكن استشهد على وجه تسمية قسم من شيعة علي ( عليه السلام ) بها بقول الأصمعي ، وهو منحرف عن علي وشيعته فكيف يمكن الاعتماد على قوله ، خصوصاً إذا تضمن تنقيصاً وازدراء بهم ، وليس ذلك بدعاً من ابن منظور وأضرابه ، بل هو مطرد في كل مورد يستشهدون بشيء فيه وقيعة للشيعة فترى هناك أثراً من مطعون إلى منحرف إلى ناصبي إلى خارجي و « في كل واد أثر من ثعلبة » وعلى أي تقدير هذه الفكرة هي المعروفة بين أرباب الملل في تسمية شيعة الإمام بالرافضة ، ونداء محبيه بالرفضة .
يقول البغدادي في الفرق عند البحث عن الزيدية : « وكان زيد بن علي قد بايعه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة وخرج بهم على والي العراق وهو يوسف بن عمر الثقفي عامل هشام بن عبد الملك فلما استمر القتال بينه وبين يوسف بن عمر الثقفي قالوا له : إنا ننصرك على أعدائك بعد أن تخبرنا برأيك في أبي بكر وعمر ، بعد أن ظلما جدك علي بن أبي طالب . فقال زيد بن علي : لا أقول فيهم إلا خيراً وما سمعت من أبي فيهم إلا خيراً . وإنما خرجت على بني أمية الذين قتلوا جدي الحسين ، وأغاروا على المدينة يوم وقعة الحرة ، ثم رموا بيت الله بالمنجنيق والنار . ففارقوه عند ذلك حتى قال لهم رفضتموني ومن يومئذٍ سموا رافضة » (٢) .
قال البزدوي أحد المؤلفين في الفرق عند البحث عن مذهب الروافض : « وإنما سموا روافض ، لأنهم وقعوا في أبي بكر وعمر فزجرهم زيد فرفضوه
____________________
(١) لسان العرب : ج ٧ ص ١٥٧ مادة رفض .
(٢) الفرق بين الفرق ص ٣٥ .