وتركوه فسموا روافض » (١) .
هذا ما لدى القوم من أولهم وآخرهم ، فقد أخذوا بقول الأصمعي الناصبي في التسمية ومن لف لفه وحذا حذوه .
نظرنا في الموضوع
لا أظن الأصمعي وهو خبير في اللغة يجهل بحقيقة الحال ولكن عداءه قد جره إلى هذا التفسير ، فإن الحق أن الرافضة كلمة سياسية كانت تستعمل قبل أن يولد زيد بن علي ومن بايعه من أهل الكوفة ، فالكلمة تطلق على كل جماعة لم تقبل الحكومة القائمة ، سواء أكانت حقاً أو باطلاً . هذا هو معاوية بن أبي سفيان يصف شيعة عثمان ـ الذين لم يخضعوا لحكومة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وسلطته ـ بالرافضة ويكتب في كتابه إلى « عمرو بن العاص » وهو في البيع في فلسطين « أما بعد : فإنه كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك ، وقد سقط إلينا (٢) مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة وقدم علينا جرير بن عبد الله في بيعة علي وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني ، أقبل اُذاكرك أمراً » (٣) .
ترى أن معاوية يصف من جاء مع مروان بن الحكم بالرافضة وهؤلاء كانوا أعداء علي ومخالفيه ، وما هذا إلا لأن هؤلاء الجماعة كانوا غير خاضعين للحكومة القائمة آنذاك . وعلى ذلك فتلك لفظة سياسية تطلق على القاعدين عن نصرة الحكومة والإلتفات حولها ، وبما أنه كان من واجب هذه الجماعة البيعة للحكومة والمعاملة معها معاملة الحكومة الحقة ، ولكنهم لم يقوموا بواجبهم فتركوه فتفرقوا عنها ، فسموا رافضة .
فقد خرجنا بهذه النتيجة : إن كلمة الرفض والرافضة ليستا من
____________________
(١) أصول الدين للبزدوي .
(٢) سقط إلينا : نزل إلينا .
(٣) وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري ( المتوفی سنة ٢١٢ ) ، ص ٢٩ .