تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) .
إن للحديث النبوي من جلالة الشأن وعلو القدر ما لا يختلف فيه اثنان ، ولا يحتاج في إثباته إلى برهان . إذ هي الدعامة الثانية ـ بعد الذكر الحكيم ـ للدين والأخلاق ، والحكم والآداب ، مما يتمتع به المسلمون في دينهم ودنياهم .
وهذه المكانة الجليلة والمنزلة الرفيعة ، تقتضي مزيد العناية بها ودراستها بأحسن الأساليب العلمية والمنطقية ، حتى يتميز الصحيح من الزائف ولا ينسب إليه كل ما يحمل اسم الحديث والسنة ، أو كل ما يوجد في بطون الكتب وضمائر الأسفار ، معقولاً كان أو غير معقول ، مخالفاً كان للقرآن أو لا .
إن قوله ( صلی الله عليه وآله ) : « من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار » إخطار أكيد للواعين بأن أعداء الدين لبالمرصاد وسوف ينسبون إليه كل مغسول من البلاغة ، وعار عن الفصاحة وينقلون منه كل معنى ثقيل على الفطرة ، أو مضاد للعقل السليم ، الذي به عرفناه سبحانه وعرفنا براهين رسالة رسوله .
وقد دق رسول الله ( صلی الله عليه وآله ) بكلامه هذا جرس الإنذار للأمة لا سيما للوعاة منهم وحفاظ أحاديثه حتى لا يظنوا أن كل ما يصل إليهم باسم الحديث هو الحديث النبوي على حقيقته ، بألفاظه ومعانيه وليس قبول كل حديث ـ ولو كان فيه ما فيه ـ آية التسليم لله وللرسول ، وآية عدم التقدم عليهما في ميادين الأصول والفروع .
ويتضح ذلك أشد الوضوح إذا وقفت على ما تلوناه عليك من أن الحديث النبوي رزیء بالموضوعات التي تولى كبرها أعداء الدين والإسلام أولاً ، وتجره الحديث ثانياً ، يضعون الأحاديث تزلفاً إلى الحكام وتقرباً منهم .
هذا هو أبو هريرة أكثر الصحابة رواية عن رسول الله مع أنه لم يصاحب النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) إلا سنتين أو أقل منهما جاء بروايات فيها
____________________
(١) سورة الحجرات : الآية ١ .