وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي ، بين معروف ، عرف بسمة النفاق ووصمة الكذب ، وغير معروف بذلك ، ولكن مقنع بقناع التظاهر بالإيمان والحب للنبي ، فلو كان المنافقون جماعة قليلة غير مؤثرة لما رأيت هذه العناية البالغة في القرآن الكريم وهناك ثلة من المحققين كتبوا حول النفاق والمنافقين رسائل وكتابات وقد قام بعضهم بإحصاء ما يرجع إليهم فبلغ مقداراً يقرب من عشر القرآن الكريم (١) ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كثرة أصحاب النفاق وتأثيرهم يوم ذاك في المجتمع الإسلامي وعلى ذلك لا يصح لنا الحكم بعدالة كل من صحب النبي مع غض النظر عن تلك العصابة المجرمة ، المتظاهرة بالنفاق أو المختفية في أصحاب النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) .
٣ ـ مرضى القلوب
وهذه المجموعة من الصحابة لم يكونوا من زمرة المنافقين بل كانوا يلونهم في الروحيات والملكات مع ضعف في الإيمان والثقة بالله ورسوله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) قال سبحانه في حقهم : ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ) (٢) .
فأنى لنا أن نصف مرضى القلوب الذين ينسبون خلف الوعد إلى الله سبحانه وإلى رسوله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) بالتقوى والعدالة ؟ .
٤ ـ السماعون
تلك المجموعة كانت قلوبهم كالريشة في مهب الريح تتمايل تارة إلى هؤلاء وأخرى إلى أولئك بسبب ضعف إيمانهم وقد حذر الباري عز وجل المسلمين منهم حيث قال عز من قائل ، واصفاً إياهم بـ « السماعون » لأهل
____________________
(١) النفاق والمنافقون : تأليف الأستاذ ابراهيم علی سالم المصري .
(٢) سورة الأحزاب : الآية ١٢ .