للأعمال الصالحة فقط وأهل الشقاء ميسرون للأعمال الطالحة فقط .
وهذه المرويات في الصحاح والمسانيد ـ وقد تقدم بعضها ـ (١) لا تفترق عن الجبر وهي تناقض الأصول المسلمة العقلية والنقلية وحاشا رسول الله وخيرة أصحابه أن ينبسوا بها ببنت شفة وإنما حيكت على منوال عقيدة السلطة وعند ذلك لا تعجب مما يقوله أحمد بن حنبل في رسائله :
« القدر خيره وشره وقليله وكثيره وظاهره وباطنه وحلوه ومره ومحبوبه ومكروهه وحسنه وسيئه وأوله وآخره من الله . قضاء قضاه ، وقدر قدره ، لا يعدو أحد منهم مشيئة الله ولا يجاوز قضاءه بل كلهم صائرون إلى ما خلقهم له واقعون فيما قدر عليهم لأفعالهم وهو عدل منه عز ربنا وجل . والزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المال الحرام والشرك بالله والمعاصي كلها بقضاء وقدر » (٢) .
وقد سرى الجهل إلى أكثر المستشرقين فاستنتجوا من هذه النصوص أن الإسلام مبني على القول بالجبر وفي ذلك يقول : « ايرفنج » من أعلام الكتاب في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر قال : « القاعدة السادسة من قواعد العقيدة الإسلامية هي الجبرية وقد أقام محمد جل اعتماده على هذه القاعدة لنجاح شؤونه الحربية وهذا المذهب الذي يقرر أن الناس غير قادرين بإرادتهم الحرة على اجتناب الخطيئة أو النجاة من العقاب ويعتبره بعض المسلمين منافياً لعدل الله ، فقد تكونت عدة فرق جاهدت وهم لا يعتبرون من أهل السنة » (٣) .
هذا غيض من فيض مما يمكن أن يذكر حول القول بالقدر وسيوافيك توضيحه والمضاعفات الناجمة عنه عند البحث عن عقيدة الأشاعرة .
إن هنا كلمة للشيخ « محمد الغزالي » المعاصر حول القدر والجبر يعرب
____________________
(١) لاحظ ص ١٤٤ ـ ١٤٧ من هذا الجزء .
(٢) طبقات الحنابلة : ج ١ ص ١٥ بتصرّف يسير . وقد تقدم نص الرسالة .
(٣) حياة محمد لمحمد حسين هيكل : ص ٥٤٩ .