حسبه ضلالة . قد تبينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر » فمن رغب عن أنباء النبوة وما جاء به الكتاب تقطعت من يديه أسباب الهدى ولم يجد له عصمة ينجو بها من الردى ؟ .
٤ ـ وإنكم ذكرتم أنه بلغكم أني أقول إن الله قد علم ما العباد عاملون وإلى ما هم صائرون ، فأنكرتم ذلك علي وقلتم إنه ليس يكون ذلك من الله في علم حتى يكون ذلك من الخلق عملاً .
٥ ـ فكيف ذاك كما قلتم ؟ والله يقول ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) (١) يعني العائدين في الكفر وقال : ( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) (٢) .
٦ ـ فزعمتم بجهلكم في قول الله ( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) (٣) أن المشيئة في أي ذلك أحببتم ، إليكم من ضلالة أو هدى .
٧ ـ والله يقول : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (٤) ، فبمشيئة الله لهم شاؤوا ، لو لم يشأ لم ينالوا بمشيئتهم من طاعته شيئاً ، قولاً ولا عملاً لأن الله لم يملك العباد ما بيده ولم يفوض إليهم ما يمنعه من رسله . فقد حرصت الرسل على هدى الناس جميعاً فما اهتدى منهم إلا من هداه الله ، ولقد حرص إبليس على ضلالتهم جميعاً فما ضل منهم إلا من كان في علم الله ضالاً .
٨ ـ وزعمتم بجهلكم أن علم الله ليس بالذي يضطر العباد إلى ما عملوا من معصيته ولا بالذي يصدهم عما تركوا من طاعته ، ولكنه بزعمكم كما علم أنهم سيعملون بمعصيته ، كذلك علم أنهم سيستطيعون تركها .
٩ ـ فجعلتم علم الله لغواً ، تقولون : لو شاء العبد لعمل بطاعة الله وإن كان في علم الله أنه غير عامل بها ، ولو شاء ترك معصيته وإن كان في علم
____________________
(١) سورة الدخان : الآية ١٥ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ٢٨ .
(٣) سورة الكهف : الآية ٢٩ .
(٤) سورة التكوير : الآية ٢٩ .