الله أنه غير تارك لها فأنتم إذا شئتم أصبتموه وكان علماً ، وإذا شئتم رددتموه وكان جهلاً ، وإن شئتم أحدثتم من أنفسكم علماً ليس في علم الله ، وقطعتم به علم الله عنكم وهذا ما كان ابن عباس يعده للتوحيد نقضاً وكان يقول : « إن الله لم يجعل فضله ورحمته هملاً بغير قسم ولا احتظار ولم يبعث رسله بإبطال ما كان في سابق علمه » فأنتم تقرون بالعلم في أمر وتنقضونه في آخر ، والله يقول ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ) (١) . فالخلق صائرون إلى علم الله ونازلون عليه ليس لهم دونه معصر ( ؟ ) ولا لهم عنه محيص ، وليس بين علم الله وبين شيء هو كائن حجاب يحجبه عنه ولا يحول دونه . إنه عليم حكيم .
١٠ ـ وقلتم : لو شاء لم يعذب بعمل .
١١ ـ بغير ما أخبر الله في كتابه عن قوم ( وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذَٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ) (٢) وأنه سيمتعهم قليلاً ( ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (٣) ، فأخبر أنهم عاملون قبل أن يعملوا وأخبر أنه معذبهم قبل أن يخلقوا .
١٢ ـ وتقولون أنتم إنّهم لو شاؤوا خرجوا من علم الله في عذابهم إلى ما لم يعلم من رحمته لهم .
١٣ ـ ومن زعم ذلك فقد عادى كتاب الله بالرد . ولقد سمى الله رجالاً من الرسل بأسمائهم وأعمالهم في سابق علمه فما استطاع آباؤهم لتلك الأسماء تغييراً وما استطاع إبليس بما سبق لهم في علمه من الفضل تبديلاً ، فقال : ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ) (٤) فالله أعز في قدرته وأمنع من أن يملك أحداً إبطال علمه في شيء من ذلك ، فهو المسمي لهم بوحيه الذي ( لَّا يَأْتِيهِ
____________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٥٥ .
(٢) سورة المؤمنون : الآية ٦٣ .
(٣) سورة هود : الآية ٤٨ .
(٤) سورة ص : الآيتان ٤٥ و ٤٦ .